«رسائل في زمن مختلف».. كتاب يحتفي بالرسائل الخطية

ت + ت - الحجم الطبيعي

استحضرت الكاتبتان الإماراتيتان نادية النجار ونورة الخوري شيئاً من الماضي في كتابهما الجديد بعنوان «رسائل في زمن مختلف»، والذي نُشر هذا العام بدعمٍ من دار الهدهد للنشر في معرض الشارقة الدولي للكتاب. وقامت الرسامة أسماء إبراهيم الحوسني التي اهتمت بأدق تفاصيل النص، وحولت الكلمات إلى رسومات وتصاميم تناسب الفئة العمرية المستهدفة ألا وهي الناشئة. يحتفي الكتاب بالرسائل الخطية التي نادراً ما نسمع عنها في هذا العصر الذي طَغت فيه التكنولوجيا على جميع سُبل التواصل.

فتاتان تفصلهما المسافات بين مدينة دبي وعاصمة دولة الإمارات، أبوظبي، في الوقت الذي بدأ ينتشر فيه ما أسمته الصديقتان مُهرة وريما «الكائن كاف»، فلجأتا إلى وسيلة التواصل الأكثر اعتماداً بين الأشخاص التي كُسرت سُبل الإلتقاء بينهم في العصور القديمة، وجعلوا من الرسائل الخطية وسيلة الاتصال الأساسية بعد أن تبادلوا أرقام صندوق البريد الخاص بكلاهُما في أول لقاء لهما. تعجبت الصديقتان من هذه التجربة، فكانت الرسائل الخطية أول تجربة لهما في عالم أدب الرسائل، فتارة تبوح مُهرة لعزيزتها ريما أنها في بداية الأمر لم تقتنع بالفكرة لأنها لا تحب الكتابة بالقلم أبداً، وتارة أخرى تعبر عن إعجابها الشديد بخط ريما الجميل الذي نقشت بهِ يومياتها لصديقتها الجديدة. تميزت رسائل الصديقتان بالتعبير عن صدق مشاعرهما، فتتشاركان مع بعضهما أدق التفاصيل عن حياتهما كوجبة الغداء والأصدقاء والجيران وتزيين البيت لاستقبال شهر رمضان والأعياد والإجراءات الاحترازية التي تتخذانها لحماية نفسيهما وعائلتيهما من الجائحة. فأصبحت حياتهما عبارة عن رحلة ذهاباً وإياباً إلى مكتب البريد لوضع رسائلهما في صندوق البريد، وعلى ذلك تعلقت الفتاتان برائحة الأوراق والحبر والطوابع.

كادت الأوراق أن تفقد عبيرها بسبب تقدم الزمن الذي غيّر من شكل التواصل بين البشر وبعضهم، وعلى ذلك جاء هذا الكتاب ليُعيد لنا مفهوم الورق بالرغم من التغيرات التي مرت بها الرسائل. يتعلم القارئ من الكتاب كيف يعزز قيمة الرسائل الخطية التي باتت بالكاد موجودة، ومن هذا التعزيز تولد أهمية الكتابة الخطية والمشاركة، وكيفية أن يكون الشخص المُرسل مرة والمُتلقي في المرة الثانية. ومن الجدير بالذكر، أن مع كُل نسخة من هذا الكتاب، تأتي رسالة فارغة للقرّاء كوسيلة تحفيز على نقش الحروف، وعلى ذلك بإمكان كل متلق أن يبعث رسالة إلى شخص عزيز. ومن هذا الكتاب، يشعر القارئ أن لكل كلمة قيمة، كما أنه يحافظ على التقاليد؛ كما كان يتراسل جد مُهرة مع عمها سيف حين كان يدرس خارج البلاد، فمن الضروري نقل هذا التراث الملموس للأجيال القادمة.

إليكم اقتباس من الكتاب:

«هل تذكرين حين رأيتك مرَّةٍ قبل أسابيع في مدينة الملاهي»موشنجيت«، وتحدثنا عن الرسائل الورقية القديمة والبطاقات البريدية المصوَّرة؟ عِندَها اِقترحتِ أن نَتبادلَ الرَّسائِل بيننا. أود أن أصارحك أنني في البَدءِ لم أقتنع بالفكرة؛ لقد وجدتها سَخيفة، ولكن حين شرَعتُ بِها وَجدت أَنها مُمتعةً بَعض الشَّيء، وها أنا أكتب لك أوَّل رسالة وبخط يدي، لا أُصدق أنَّني أفعَلُ ذَلِكَ.»


زاوية مراجعات الكتب الأسبوعية تُنشر بالتعاون بين صحيفة البيان ومؤسسة الإمارات للآداب

 

Email