عقيل أحمد: فن الخط العربي حي ومتجدد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر التشكيلي السوري عقيل أحمد أحد المشتغلين بفن الخط العربي، له طقوسه في إنجاز أعماله، إذ يرتحل بين ثنايا الشعر الصوفي المغنى على المقامات الموسيقية عند رسم اللوحة.

يقول أحمد، إن أسلوبه يعتمد على حالة «المَشق» في الحرف العربي، التي يكون فيها إعلاء للحالة الشعورية أكثر من اللوحة المنتهية للحرف المشغولة بدقة متناهية، للوصول بالتالي إلى لوحة مشبعة بالروحانية، والموسيقى والإحساس أكثر.

«البيان» التقت أحمد وسألته عن العوامل التي وجّهَت خطواته الأولى، وما الذي دفعه كي يختار الخط العربي مجالاً فنياً خاصاً به،«وهو مجال نادر في الوقت الراهن» ؟

يقول عقيل: اخترت الخط العربي لأنني مرتبط فيه منذ الصغر، وقد بدأت التدريب عليه في سن العاشرة تقريباً، إذ كان هذا الفن يُشعرني بأنه يمتلك طاقة أكبر من أي فن آخر، طاقة روحية مرتبطة بجمالية الحرف العربي. فصار هذا الفن جزءاً أساسياً من حياتي لأنني أعيش فيه الموسيقى، الرسم، الإحساس الجميل، كانت البداية تدريب كلاسيك.

لكنني كنت أشعر خلال التدريب أن الخط الذي أشتغله فيه مساحات أكبر للبحث فيها، وهو ما دفعني للانتقال من الخط الكلاسيك إلى الفن التشكيلي أو اللوحة. وهذا تبلور أيام دراستي للفنون الجميلة بحلب طوال خمس سنوات، انتقلت بعدها لبيروت وبدأت مشروعي الفني الذي كان المدخل إليه سؤال طرحته على نفسي: ماذا يمكن أن أعمل أكثر بهذا الحرف ماذا يمكن أن أضيف إليه ويضيف لي،كيف يمكن أن أتناقش معه على سطح القماش ليعطيني أفكاراً وقصصاً جديدة.

فن الخط

- في ظل عصرنا الحالي، هل يمكن القول إن فن الخط العربي مهدد بالزوال، أم فن قادر على النجاة والاستمرار؟

- لا بالتأكيد، فن الخط العربي فن محافظ على ذاته، وهناك كثيرون يشتغلون في الكلاسيكي منه وتطويره ليصل مراحل مبهرة، وهو فن حي ومتجدد دائماً، مرتبط بالفكر العربي والثقافة العربية والدين الإسلامي، وبالنسبة لي أحاول أن أعمل شيئاً أراه، أحس به على سطح اللوحة دائما، ما أرسمه هو استجابة للأفكار التي أشعر بها وللأحاسيس التي تنبع من سماعي للمقامات الموسيقية والموسيقى العربية بشكل عام،هي محاولة تطويرية لشكل الحرف ولأسلوب كتابته، وللثقافة العربية بشكل عام.

- تركز في أعمالك على تحويل مفهوم اللغة إلى مفهوم شكلي بصري، وتسعى إلى البحث في دواخل الحرف العربي من خلال الحركة والانفعال والألوان في كل لوحة، فمن يحدد هذه الانفعالات، المكتوب أم الحالة الشعورية التي يحملها الفنان؟

- الحالة الشعورية للفنان هي التي تحدد ذلك، الحالة التي أشعر بها من خلال الحرف.القبض على لحظة الموسيقى التي أحولها بعقلي من فكر موسيقي أو سماع إلى شكل بصري هي الفكرة بشكل عام، الذي يحدد هذا الانفعال ما أشعر به تجاه القصيدة التي أسمعها أو أقرأها وتحويلها إلى نمط بصري على سطح القماش والوصول إلى مساحات أكبر لفكرة الحرف وتكوينه.

هناك أسئلة أخرى أطرحها على نفسي ويطرحها الحرف علي، أحاول أن أطور هذا الشيء ليصل ولا أدري كيف يصل،لكنه في حالة تطور دائم،هي حالة عدم وصول، حالة نور موجود داخل الأحرف أسعى إليه من خلال طرق معينة، بالشكل باللون بالإحساس العام للوحة.

- ما سبب اهتمام عقيل أحمد بالشعر الصوفي دون غيره من ألوان الشعر؟

-الشعر الصوفي يبهرني دائماً، هو شيء متصل بي بثقافتي وأسلوب حياتي بشكل عام،وهو الأسلوب المتقشف، أسلوب النور الأزلي، الفكر الذي يبحث دائماً عن النجاة والخلاص بهذا النور تحديداً، هو أكثر ما يلهمني، لأنه يلامس داخلي وإحساسي ومشاعري،أحاول أن أصل إلى فن تشكيلي خاص، ورؤية خاصة وشعر كيف أراه على اللوحة، وموسيقى كيف ترتسم في خيالي وأحاول أن أنقلها على سطح القماش.

- بمن تأثرت من الخطاطين والمدارس،كذلك ما تأثير دمشق وحلب القديمتين في أعمالك،وأنت الذي عشت زمناً في كلتا المدينتين؟

-تأثرت بالخطاطين العظماء المعروفين على مستوى العالم،ودرست عند أستاذين هيثم سلمو والشاعر عبد الجليل عليان، استفدت كثيرا من الخط الكلاسيك وقتها بمساحات وجمال الحرف الكلاسيكي بروحانيته، ففي كل حرف نقطة وصول محددة لها معان أحاول نقلها من الشكل الكلاسيكي إلى شكل بصري ثان أشعر به أنا.

Email