«هوامش في المدن» ذاكرة أسفار وارتحالات مسكونة بالتفاصيل

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يوثق كتاب «هوامش في المدن والسفر» للكاتبة عائشة سلطان في طبعته المصرية، ذاكرة الأسفار وتفاصيل المدن العديدة، التي زارتها الكاتبة، وما تركته فيها من مشاعر وانعكاسات وأفكار.

وينتمي كتاب «هوامش في المدن والسفر» لأدب الرحلات، وبالرغم من أن هذا الصنف من الكتب نادر في المكتبة العربية، وغالباً ما يتصدى له الرجال، إلا أن الكاتبة الإماراتية تقتحم هذا المجال بكثير من الثقة، وبأدوات قوية من سعة الخيال وعذوبة اللغة، والقدرة على الرصد والوصف.

يُستهل «هوامش في المدن والسفر» بمقولة للروائي التركي «أورهان باموق» (الكتابة عن المدن تعد حفظاً للذاكرة، فالمكان يسجل نفسه في ذاكرتنا، وفقاً لأحاسيسنا في اللحظة الراهنة، وحين ندمر تفاصيله.. البيوت، الأشجار، الأسوار والأسواق فإننا نفقد فهرس ذاكرتنا، لأن فقدان المكان هو فقدان للذاكرة).

هدف ورسالة

تتحدث عائشة منطلقة من هدف ورسالة تريد إيصالها للقارئ، من منطلق الحرص على حفظ الذاكرة، وتوثيق الذكريات والتفاصيل التي عاشتها، فتبدأ أولاً بذكريات نشأتها في مدينة «دبي» القديمة قبيل التغيرات الكثيرة، التي حدثت في أواخر التسعينيات لتطوف بنا من خلال رؤيتها ورحلاتها العالم كله، وتضع على كل مكانٍ من الأماكن التي زارتها بصمتها أو طابعها الخاص، لا سيما حينما تخرج من ذكريات النشأة والطفولة والشباب، إلى سفرياتها.

ويتطرق الكتاب إلى الكويت «التي تملأ ذاكرتها» بحسب ما تذكر المؤلفة، وتتوقف عند القاهرة، التي تحمل لها مكانة خاصة، ليس لمصر فقط، بل وللمصرين أيضاً، وترصد تجوالها وذكرياتها في شوارع بانكوك وفرنسا وإسبانيا وروما، و.. إلخ.

عن القاهرة تقول (لا شيء يعدل أو يعوض عن زيارة القاهرة، لا أن تقرأ عنها في روايات نجيب محفوظ، ولا أن تسمع لصوت الحب في أغنيات أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، ولا أن تتابع الصحف والمجلات المصرية، ولا أن ترى كل ما أنتجته السينما المصرية من أفلام ونجوم، بل ربما لكل هذه الأسباب عليك أن تزور القاهرة!‫

أماكن وعواصم

ويتحدث «هوامش في المدن والسفر» عن كل الأماكن والعواصم التي زارتها الكاتبة ورأتها بهذا الحب وترصد جمال تلك المدن، للحد الذي يجعل المرأة في حيرة حقاً أي هذه الأماكن هو الأجمل، من بانكوك التي تعتبرها عائشة مدينة صاخبة، إلى بروكسل مدينة الورد مروراً بالمدينة الخارجة من الماء «فينيسيا»، ومدينة الأسوار «دبروفينك» ومدينة الروايات الملتبسة «برشلونة».

ويبدو أنها شعرت بتلك الحيرة التي ستصيب القارئ، فوضعت له دليلاً آخر، فخصصت «مفكرة مسافر» لبعض النصائح التي يجب أن يضعها أي مسافر في رحلته، ولعل أهم تلك النصائح أن «المدن لا تجامل عشاقها» (لا تحزم أمتعتك وتتوجه إلى أي مكان وأنت تحمل تصورات الآخرين عن المكان الذي تنوي الذهاب إليه، من الأفضل أن تذهب بلا تصورات من أن تذهب محملاً بنصائح وأفكار وانطباعات كونها صادرة عن أشخاص آخرين يختلفون عنك في كل شيء.

روح الأماكن

ترصد مؤلفة الكتاب، بقلمها وعينها شديدة الخصوصية، روح الأماكن وتقتنص منها ما تشعر به لتنقله إلينا بشفافية وصدق، وبموهبة أدبية خالصة، وهي إذ تفعل ذلك إنما تحفّز في كل قارئ ولا شك في أن يستحضر أرواح الأماكن التي عرفها، والتي رآها، والتي أثّرت فيه وتأثر بها، وليست الأماكن وحدها ما تستحق التدوين والذكر، بل هناك أشخاص لا ينسون، يجب أن يدونهم القلم حتى لا تمحوهم الذاكرة.

Email