يسرا وهبة: الفنون نوافذ استكشاف ذواتنا الملونة بالحكايات

من لوحات يسرا وهبة | تصوير: دينيس مالاري

ت + ت - الحجم الطبيعي

تؤمن الفنانة التشكيلية المصرية الدكتورة يسرا وهبة المتخصصة في تقنية سكب «ألوان الاكريليك»، أن الفنون هي نوافذ مشرعة لشفاء الأرواح في رحلة بحثها عن الذات التي تطرق أبواباً من التواصل لإدراك حقيقتنا المغموسة بالحكايات، إذ تؤكد في حوارها مع «البيان»، أن «سكب» الألوان في مساحات اللوحة ليس مجرد هواية، بل أسلوب للتعبير عن النفس والأفكار المتضاربة الداخلية وسيلة مهمة للعلاج بالفن، نجرب خلالها طرقاً متنوعة وليس هناك صواب وخطأ، فقط نقترب من ذواتنا عبر الرسم والتلوين، ونحاول التحرر من مشاعر القلق والحيرة.

وفى السياق تؤكد الدكتورة يسرا أن مسارات الحياة وتقاطعاتها مدهشة جداً، لا نعلم متى وكيف تهب رياح التغيير، ولكن علينا أن نكون مستعدين لذلك للتكيف والبداية من جديد، وهكذا بدأت في مسار الفنون التشكيلية بعيداً عن مجالها المهني في قطاع الطب والصيدلة، ووجدت أن الفنون هي وسيلتها المهمة للاستشفاء من مشاعر الخوف والقلق إثر إصابة والدتها بمرض نادر وهو التصلب الجانبي الضموري، الذي يؤدي إلى موت الخلايا العصبية المسؤولة عن المهارات الحركية في الدماغ أو الحبل الشوكي، والتي تقيد في البداية الحياة الطبيعية ثم تجعل الحياة المستقلة مستحيلة مع تقدم المرض.

علاج

وتضيف يسرا: أثناء تواجد والدتي معي في دبي تعرضت لهذا المرض النادر، وبلا شك أثّر ذلك على حالتي النفسية وقدرتي على استيعاب الأحداث المتسارعة في مرضها، فلم أجد سوى الرسم ليواسيني في مصابي هذا كونه أحد أهم الهوايات التي لازمتني طيلة حياتي، وانشغلت عنها بسبب دراستي الأكاديمية والأعباء المهنية المترتبة عليها، ولكن خلال عام 2020 قررت أن أجعل الألوان والرسم جزءاً لا يتجزأ من روتين حياتي الجديدة كوسيلة علاجية تمنحني طاقة أخرى لمواكبة التغيرات في حياتي، وكانت تقنية «سكب ألوان الاكريليك» وهي شكل من أشكال الفن التجريدي، وتقوم على ابتكار لوحة فنية من الألوان من دون استعمال أدوات الرسم مثل الفرش أو غيرها، عبر سكب اللون مباشرة على اللوحة ومن ثم تحريكها، لإحداث انسجام بين خليط الألوان المستخدمة، وشاركت بأعمالي الفنية في العديد من المعارض الفنية في دبي، والتي لاقت استحساناً واهتماماً كبيراً من الجمهور والنقاد.

فرصة

وتشير وهبة إلى أن عملها في قطاع الصيدلة أتاح لها فرصة استيعاب التفاعلات الكيميائية لخليط ألوان الاكريليك، وتقنيات السكب المتبعة في كل مراحل إنجاز العمل الفني، حيث يعود تاريخ صنع الأكريليك إلى عام 1934 على يد الكيميائي أوتو روم وهو ألماني الجنسية، الذي صنع مركب الراتينج أكريليك بصورته الأولية، ثم حوله إلى طلاء متعدد الألوان بعد فترة قصيرة، وفي خمسينيات القرن الماضي ظهرت لأول مرة في صورتها المعروفة حالياً، وكان الفنانون مترددين حيال استخدامها في أعمالهم إلى أن بدأ فنان البوب آندي وارهول استخدامها واعتمدها فيما بعد كطلاء رسمي للفنون، بل وأصبح الطلاء الأساسي لحركة البوب.

تقنيات

وحول التقنيات المتعددة لفن السكب تقول يسرا وهبة: لجأ العديد من الفنانين المعاصرين لاختراع تقنيات وطرق قد تسهل الأمر وتعطي نتائج مرضية بنسبة عالية، بعد العديد من التجارب والإخفاقات ومنها تقنية «البركة الصغيرة»، حيث نبدأ بصب الألوان فوق بعضها على اللوحة البيضاء «الكانفاس» في المنتصف، حيث تتكون دوائر متدرجة من اللون الأول للأخير لتشكل ما يشبه البركة الصغيرة، ثم نحمل الكانفاس ونحركه ببطء بجميع الاتجاهات حتى نصل لشكل جيد ونضعه جانباً كما ذكرنا سابقاً ليجف، وفي تقنية «السكب المتسخ» يتم سكب الألوان فوق بعضها في كأس واحد، ثم نقوم بصبها على اللوحة بشكل مستقيم أو متعرج أو دائري، ثم نحمل الكانفاس ونحركه حتى نصل للنتيجة المطلوبة ونثبته ونتركه ليجف.

Email