الفنان الأمريكي شيبرد فيري اختار دانة الدنيا منصة حيوية لإبداعاته

جداريات دبي.. فنون نابضة بقيم المحبة والسلام والتعايش

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تكتسي أرجاء ومناطق دبي بروائع فنية وجداريات متنوعة تروي قصص الجمال وحكايات المكان بجانب أخرى ثرية بقيم الخير والجمال والمحبة والتعايش أنجزها مبدعون عالميون استقطبتهم دانة الدنيا بفضل مكانتها العالمية في شتى حقول الإبداع والتميز. ومن بين هؤلاء فنان الشارع العالمي الأمريكي شيبرد فيري، الذي يؤكد أهمية دبي في هذا الصدد، لافتاً إلى أنه اختارها كمنصة حيوية لجدارياته ولوحاته التي تتسم بكونها غنية بأفكاره الرمزية، حيث تجول إبداعاته بين العواصم والمدن التي تعزز استثنائية الفن في صناعة التغيير وجذب الجمهور نحو مسار ثقافي وشعبي وإنساني، وذلك منذ أن حصد ملصقه الشهير للرئيس باراك أوباما نجاحاً غير مسبوق على خارطة فنون الشارع الأكثر تأثيراً، والذي يحمل عنوان «الأمل» وأصبح رمزاً للانتخابات الرئاسية لعام 2008. وإلى جانب شهرة جدارياته التي تدعو إلى الأمل والسلام والتي استقطبت اهتمام جمهور الشرق الأوسط حين وقع اختياره على دبي لتكون أول محطة عربية يزورها ضمن جولاته العالمية، وقدم خلالها 150 عملاً في معرض «أوبرا جاليري» تحت عنوان «موزاييك المستقبل»، كما شكلت جداريته، في حي دبي للتصميم انعكاساً لأطروحاته الفنية وممارساته متعددة الوسائط لثقافة البوب آرت التي تدور في فلك السلام والانسجام والتعايش العالمي.

رسالة عالمية

وحول الجداريتين اللتين أبدعهما بين المبنيين 10 و11 في حي دبي للتصميم يقول الفنان: تحمل الأولى عنوان «Rise Above Peace Fingers»، وهي عبارة عن قبضة تمسك فرشاة رسم تنبت منها زهرة، فيما تحمل الجدارية الثانية اسم «Rise Above Dove»، وفيها حمامة السلام المعروفة، وتشكل اللوحة رسالة عالمية تنطلق من دبي للسلام والانسجام والتعايش. واستخدمت في جميع الجداريات درجات لامعة من الأحمر والأزرق والأصفر إلى جنب الأسود والأبيض بأسلوبه المميز، يقول شيبرد: أنا متحمس دوماً لمشاركة أعمالي مع متابعين جدد وخصوصاً في الشرق الأوسط، فطالما سحرتني تصاميم النسيج والبلاط «الموزاييك»، لذلك بحثت عن رابط بين المفاهيم الرمزية والأنماط السائدة في المنطقة، من باب أن الفن بشكل عام يتميز بالحرية وإطلاق العنان لاكتشاف الإلهام من حولنا مع وسائط وأفكار غير تقليدية بالنسبة لنا، وآمل أن تحفز أعمالي جمهور دبي على التعمق في إدراك أبعادها التي تحمل في طياتها طابعاً عالمياً للفنون المعاصرة.

نمط رمزي

في السياق، يؤكد فنان الشارع ومصمم الجرافيك شيبرد فيري، أنه أدرك أن أعماله الفنية تمتلك قوة وتأثيراً عبر نمط أعماله الرمزية، منذ إطلاقه حملته الأولى للملصقات التي جذبت انتباه الجمهور، وتفاجأت برؤية أعمالي في أماكن غير متوقعة في أوائل القرن الحادي والعشرين، ورغم أنني صممت حملة «أطع العملاق» بطابع شعبي لتكون نموذجاً للتمكين، فإني لم أدرك القوة الكامنة لفني إلا بعد أعمالي المناهضة للحرب وخصوصاً بعد نجاح ملصق «الأمل» الذي يحمل صورة أوباما باللون الأحمر الخالص والبيج والأزرق، مع كلمة «الأمل» تحتها، وأصبح الملصق رمزاً، يعكس تقدير المتلقي العالمي للفن وجهوده في إبراز مقاييس معاصرة للمجتمعات الحضرية وثقافاتها الشعبية التي باتت لا تعيش بمعزل عن الثقافات الأخرى على امتداد العالم.

أطروحات مجتمعية

يشير شيبرد، أحد أشهر فناني الشوارع وأكثرهم نفوذاً في العصر الحديث حول حملة «اطع العملاق» التي كانت سبباً في شهرته العالمية أنه بدأ هذه الحملة كملصقات مرحة وساخرة في محيط أصدقائه في مدرسة الفنون وعازفي موسيقى البانك والمتزلجين، لكن الأصداء الواسعة التي تلقاها ملصق «أندريه العملاق» كشف له عن قوة تأثير المساحات العامة والرسائل الفنية إلى جانب السلطة الفردية وغير المؤسسية، لذا قرر إعداد حملة ملصقات من خلال الاستعانة بصور تتناول عدداً من الأطروحات المجتمعية والسياسية والتي تهدف التشكيك بحملات الدعاية الموجهة. وفيما يتعلق بعملية الإبداع ومحور الإلهام الذي تعبر عنه أعماله يقول شيبرد الذي تعرض أعماله في العديد من المتاحف المرموقة في جميع أنحاء العالم ومنها متحف «سميثسونيان»، ومتحف الفن الحديث في مدينة نيويورك ومتحف فيكتوريا وألبرت في لندن: أحب الفن وأهوى التصميم الجرافيكي واستقي إلهامي من مصادر مختلفة، بداية من أغلفة الألبومات ورسومات لألواح التزلج والملصقات، ووصولاً إلى الرسومات والإعلانات التجارية التي تملأ المدن والشوارع فضلاً عن الموسيقى والكلمات والكتب، حيث تزخر المدن العالمية بمختلف العناصر التي تحفز إلى الإبداع.

قوة الألوان

يعتقد شيبرد أن انفراد أعماله بتوليفة لونية محددة ومنها الأحمر والأسود إلى جانب الأبيض، والتي اشتهر بها يعود إلى بدايته التي فرضت اقتناء تشكيلة محددة من الألوان تتناسب مع ميزانيته المتواضعة في ذلك الوقت، ووقال «بمرور الوقت أضفت اللون الذهبي والأزرق، وللمفارقة أن ما بدأت به بسبب ضيق الحال تحول إلى بصمة خاصة لأعمالي، ومن هنا شعرت بأني قادر على إيصال رسالتي مهما كانت باستخدام مجموعة محدودة من الألوان، فالقوة الفنية لا تأتي من الصور الفردية وإنما عبر التأثير الكلي للمجموعة الفنية، وهو ما يسهل فهمه عندما تتشابه الألوان بين قطعة وأخرى».

يوضح شيبرد فيري الذي التحق بمدرسة رود آيلاند للتصميم وبدأ مشروعه التجاري الأول، Alternate Graphics، بينما كان طالباً هناك أن أعماله الخاصة والتي قدمها لجمهور الشرق الأوسط للمرة الأولى عبر معرضه في «أوبرا غاليري» بدبي تركز على مفاهيم العدالة والسلام إلى جانب حقوق الإنسان والمساواة وحماية البيئة، لكن السبيل إلى تحقيق تلك الرسائل يبقى مرهوناً برؤية الملتقي الشخصية، وأتمنى أن تحفز أعمالي الجمهور المتلقي على التعاطف مع مفاهيم الإنسانية العالمية، من منطلق التمازج الإيجابي للثقافات والوصول التي نقطة التقاء مع الآخر واحترام الاختلاف.

Email