جمال وآفاق

مدن مبدعة وترويج ذكي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يؤكد خبراء ومتخصصون أن حضارتنا العربية والإسلامية غنية بذخرها الحضاري المعرفي والاجتماعي العام، ويمكننا بالوقت نفسه اسثتمار ما تتضمنه من مناسبات وقصص وحكايات، لتحقيق فوائد وطنية متنوعة، وفي هذا الصدد يرى د. سعيد العمودي، أستاذ الإعلام المساعد بقسم الإعلام في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، أن الكثير من المناسبات المجتمعية والدينية لدينا يمكن أن تمثل فرصة مثالية لإبراز القوة الناعمة للمسلمين، ثم القوة الناعمة لكل دولة ومدينة، وكذا تحقيق فوائد كثيرة لمجتمعاتنا.

ينطلق د.سعيد العمودي من حقيقة أن: «تسويق المدن هي منهجية لجأت إليها كثير من الدول والمدن حول العالم، لإبراز العلامة التجارية والسياحية لمدنها، التي لديها مقومات تجذب شرائح من السياح والزوار، التسويق للمدن يسعى لاكتشاف مكامن القوة والتفرد في المدينة.

قوة وتفرد المدينة قد يكون الموقع الجغرافي، أو الطبيعة الخلابة، أو الثقافة الشعبية، التاريخ والتراث، المعالم الهندسية المشهورة، الجامعات ومراكز البحث، المطاعم، أو حتى النادي الرياضي الشهير، وغيرها الكثير التي تحتاج إلى سبر وبحث وإبراز».

ويتابع العمودي: «من خلال دراستي وبحثي للمدن الإبداعية وجدت أن المدن الكبرى في العالم تسعى بحماس وتنافس محموم، لاستقطاب المستثمرين والسياح والزوار والمبدعين لزيارة المدينة، وذلك من خلال تبني علامة خاصة، تميزها مثل أن تطلق على نفسها مدينة الموسيقى، أو مدينة الثقافة، أو المدينة الذكية، أو المدينة الإبداعية، أو المدينة الخضراء كل ذلك من أجل التسويق للمدينة، وهذا يعود بالنفع الكبير على اقتصاد المدينة، ويسهم في رفع جودة الحياة للشرائح المستهدفة.

على سبيل المثال: تعرف فيينا بأنها مدينة الفن والموسيقى، وتعد إحدى أهم الوجهات العالمية الفن والأدب والموسيقى. وتزخر فيينا بالعديد من دور الأوبرا والمعارض والمتاحف. أيضاً مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل، هي عاصمة المهرجانات العالمية وتقام فيها أكبر الكرنفالات وأكثرها إبداعاً. دبي، وجهة عالمية للفخامة والتسوق، وتستقطب ملايين السياح بأنماط من الترفيه لا توجد إلا بها».

سوق عالمية

إذاً، فهناك سوق عالمية ضخمة، تتناول المناسبات ذات الطابع الديني مثل عيد الميلاد والهونكا. وبالحديث عن موقع شهر رمضان الكريم يخبرنا د.العمودي: «موسم رمضان، نسأل الله أن يجعلنا من المقبولين فيه صياماً وقياماً، هو فرصة لا تقدر بثمن لإبراز القوة الناعمة للمسلمين، ثم القوة الناعمة لكل دولة ومدينة، بجانب العامل الروحي الديني الذي يعيشه المسلم في هذا الشهر، كثير من الجوانب ارتبطت برمضان، أطعمة، مشروبات، ديكورات، موسيقى، دراما، ملابس، روائح، ألعاب، عادات نهارية وليلية، وغيرها.

كل ما ذكر هي علامات مهمة، القارئ سوف يربطها بما يحصل في بلده، ويجعله في حالة شوق عندما يفقدها في حالة الغربة، هذا هو التفرد الخاص، فرصة ذهبية لاستثماره في صناعة علامة متفردة، للتواصل مع العالم غير المسلم لتوصيل قيمة رمضان المتفردة، التي يعيشها المسلم حتى خارج وطنه في بيئة غير إسلامية. هناك قيم ارتبطت برمضان، كالعطاء، التسامح، التواصل، الرحمة، السمو الروحي، ممكن جداً تكون جذابة للآخرين وسط الجفاف الروحي والعاطفي، بسبب البعد عن الأديان عند كثير من الشعوب.

من الأمثلة المهمة في هذا السياق، ما قامت به كوكا كولا في ابتكار الشكل الخاص بشخصية بابا نويل أو سانتا كلوز، خلال ثلاثينيات القرن العشرين، لتقدمه كونه وجهاً دعائياً لمنتجها وربطه بسبب وجيه بالمشروبات الغازية الباردة في فصل الشتاء، ثم ارتبط بالكريسماس!».

جانب تراثي

ويحدثنا علي العبدان- مدير إدارة التراث الفني بمعهد الشارقة للتراث- عن الجانب التراثي، الذي تتميز به دولة الإمارات عن سواها، الذي يمكن أن يتم توظيفه جنباً إلى جنب مع الموروث الديني في التسويق لهوية مختلفة ومتفردة للمنطقة، فيقول: «الموروث الشعبي في دولة الإمارات غنيّ ومتنوع بسبب تنوع البيئة الإماراتية إلى ساحلية، زراعية، صحراوية، جبلية، وبيئات الجُزر، وهذا ما أدى إلى تنوع منتجات التراث الثقافي للإمارات، سواء في التراث الماديّ أم غير الماديّ، فالخبرات الشعبية كثيرة ومتنوعة في الإمارات، وما زال إنتاجها مستمراً، سواء كان ذلك في الأزياء التقليدية، أم في المنتجات الزراعية وصناعات الأطعمة، أم في الأدب الشعبي والفنون الشعبية، أم في غير ذلك من التراث المادي وغير المادي، ويتجلى ذلك كله في الاحتفالات الشعبية والأيام التراثية، التي تُقام في مختلف إمارات الدولة، حيث يشاهد الزائر العديد من المنتجات الثقافية والتراثية من مختلف مناطق الدولة».

أداة فاعلة

في الحقيقة، وفي الوقت الذي تعد فيه القوة الناعمة والدبلوماسية الثقافية أداة فاعلة ومهمة جداً ومتعددة الأدوات والأذرع، هي أيضاً حساسة إن لم تتم بالشكل الصحيح آخذة بعين الاعتبار عدداً كبيراً من العوامل المساعدة.

عن شكل المبادرات المؤثرة التي تقدمها الدولة وتلك التي يقترح العمل عليها، يضيف علي العبدان الشامسي: «أثبتت المهرجانات الكبيرة مثل مهرجان الشيخ زايد التراثي، وأيام الشارقة التراثية ونحوهما أن الفعاليات المتنوعة الحيّة، والتي تمتد لمدة أسابيع، هي أفضل مبادرة لاجتماع الناس، وتعرفهم بالموروث الشعبي، وتوثيقه، وصونه وحمايته».

تنوع

يوضح علي العبدان أن الأنشطة والفعاليات التي تهتم بعرض التراث الإماراتي بشكلٍ عام كثيرة وكبيرة في الوقت نفسه، وتوجد على مستويات مختلفة، منها الأيام والمهرجانات التراثية، ومنها البرامج الوثائقية التراثية، وكذلك المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية، ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

 

Email