عملها التركيبي «مصباح المضيف» يجسّد طقوس القهوة والضيافة

عليا الغفلي.. إبداعات بوصلتها التأمل وروحها الثقافة الإماراتية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يوحي تاريخ المنطقة وثقافتها المتجذرة بالعديد من الأفكار الملهمة على صعيد الفنون والتصميم، الذي يقدم إبداعات شغوفة بالمعاصرة والمعتقة بتفاصيل من الماضي العريق، التي تشكل منعطفاً استثنائياً لمستقبل التصميم محلياً وعالمياً، ويندرج «مصباح المضيف» لمصممة المنتجات الإماراتية عليا الغفلي، تحت تلك القائمة من الأعمال التي تتناول ماهية التصميم من جوانبها السردية للثقافة الإماراتية وفي مقدمتها كرم الضيافة الذي يحوي طقوس القهوة الإماراتية المتوارثة.

مهارات حرفية

تعتقد عليا الغفلي الحاصلة على درجة البكالوريوس في التصميم الداخلي من جامعة زايد في دبي أنّ رواية القصص الناجحة تكمن وراء التصميم القويّ بدقّة تفاصيله الملحوظة، وتنظر إلى التصميم كعمل ثقافي وفني وفرصة لسرد قصة من خلال المساحات والقطع تستكشف عليا بأعمالها حالياً الجوانب المختلفة للتصميم الداخلي والأثاث، وتستند ثمرة أعمالها إلى الأبحاث والمهارات الحرفية والتقاليد والوظائف، وكرد جميل لمجتمعها، تطمح إلى إضافة قيمة للمساحات من خلال تصميم أعمال تُشكَّل شغفاً لها بكلّ جوانبها.

وحول الجانب الأكثر تأثيراً في تصميم عملها الأخير «مصباح المضيف» تشير عليا الحائزة شهادة في تصميم الأثاث من جامعة «سنترال سانت مارتينز»، إلى أن لدينا المخزون الثقافي المادي وغير المادي الذي يربطنا بالماضي الذي كان له أكثر الأثر في وضع الفكرة الأولية لهذا العمل، مستشهدة في ذلك بقراءاتها المتعددة في تاريخ وثقافة المنطقة ومنها كتاب «رمال العرب» الصادر عن دار النشر لونغمان، غرين أند كو، لندن 1959، والذي حملت مقتطفات منه إشارة واضحة حول تقاليد الضيافة في الجزيرة العربية، حيث يقول لك «لم تكتمل فرحتي يوماً بضيافتهم الفاخرة، إذ كنت على يقين بأنهم سيعانون من الجوع بعدها لأيام عدة».

تقاليد متوارثة

تؤكد عليا، التي تم تكليفها بأعمال فنية من قبل «حي دبي للتصميم» ومكتب معالي شمّة المزروعي، وزيرة الدولة لشؤون الشباب، أنه وقياساً إلى شمولية تلك التقاليد المتوارثة فإنه لا يخفَى على أحد أنّ الثقافة الإماراتية متجذّرة في أعماق شعبها ولا يمكن لأحد أن يقدّرها ويعرف قيمتها من دون أن يتفاعل معها، عن طريق اختبار جوهرها أي كرم الضيافة وتُشكّل آداب ارتشاف القهوة الراقية والمتطورة أحد أكثر الجوانب وضوحاً وانتشاراً، وتمثّل القهوة الرمز الأول للضيافة العربية حيث تُقدَّم وفقاً لأصول عدة. كلّ مضيف إماراتي يُكرّم كل ضيوفه بفنجان قهوة ترحيباً بهم.

طقوس القهوة

وحول أهمية العمل الذي يجسد مزيجاً من التقاليد والابتكار، متماشياً مع حداثة الحاضر ومحافظاً على أصالة الماضي تقول عليا التي تم اختيارها أخيراً للمشاركة في معرض «بينالي البندقية الدولي للعمارة» في دورته 61: لقد تم تصميم العمل يدوياً من مادة الراتنج وفولاذ مقاوم للصدأ مطلي بالنحاس وبن مطحون، وصنع في الإمارات العربية المتحدة، لتسليط الضوء على الأماكن العامة والاجتماعية والجوانب غير الملموسة للثقافة الإماراتية مثل كرم الضيافة. علماً إنّ القهوة المستخدمة في العمل مأخوذة من مجلس إماراتي تقليدي، يتم تجفيف ما تبقى منها في قاع الدلّة تحت أشعة الشمس، ثم تُغربل وتُخلط بمادة الراتنج.

رحلة تفاعلية

فيما يتعلق بالجانب الفني والتقني للعمل تشير عليا، إلى أن تصميم «مصباح المضيف» يستكشف السمات الثقافية للضيافة، بالإضافة إلى فنّ صنع القهوة العربية وتقديمها من خلال عمل تركيبي ضوئي معاصر يجسّد طريقة الضيافة وطقوسها. خلال الرحلة التفاعلية، تتيح هذه التجربة للمستخدم التحكم في شدة الضوء عن طريق تحريك شريط التمرير في اتجاه صبّ القهوة نفسه، فيختبر دور المضيف بشكل غير مباشر، قد تكون مبادرات الضيافة والكرم صغيرة، لكن غالباً ما تؤثر بشكل كبير على المضيف والضيف على حدّ سواء.

Email