في الحلقة الـ 47 من البرنامج الوثائقي الدرامي «قصتي»

«إرهاب عابر للحدود».. حنكة محمد بن راشد في مواجهة الأزمات

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الحكايات المرتبطة بالإرهاب والصراعات مؤلمة، تبدو كأنها وخز للذات الإنسانية، فـ«الإرهاب لا دين له»، أصحابه تعودوا رفع راياته السوداء، وقتل النفس من دون حق، ليذكوا بذلك صراعات تأكل نيرانها الأخضر واليابس.

ولعل «أسوأ ما قد يحدث لأي دولة، أن يتم جرها لأزمات وصراعات، ليس لها فيها ناقة ولا جمل»، وفق تعبير صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في مطلع قصة «إرهاب عابر للحدود»، الحاملة رقم 32 في كتابه «قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً».

ما إن تفتح دفتي كتاب «قصتي» حتى تشعر بأن العنوان لافت، فهو يمثل تعبيراً دقيقاً لجوهر الحكاية التي شكلت العمود الفقري للحلقة 47 من برنامج «قصتي» الوثائقي، الذي تولى إنتاجه المكتب التنفيذي لسموه، ويعرض على شاشات تلفزيون دبي، ومنصّاته المتعددة، ومن بين حروفها تكتشف تأثيرات الإرهاب في النفس.

60 دقيقة

في متن الحكاية يروي لنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حكاية طائرة «بوينغ 737» التي خطفت من مطار بالما دي مايوركا في إسبانيا، إذ يقول: «في أحد الاجتماعات في وزارة الدفاع، تابعت طائرة (بوينغ 737) خطفت وعلى متنها 91 شخصاً بمن فيهم أفراد طاقمها.

كانت الرحلة المتجهة من مطار بالما دي مايوركا في إسبانيا إلى مطار فرانكفورت، عندما اختطفتها مجموعة من أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين للمطالبة بإطلاق سراح رفاقهم المسجونين في ألمانيا الغربية». وأضاف: «اتجه الخاطفون إلى لارنكا ومنها إلى البحرين. وبعد تزود الطائرة بالوقود في البحرين، اتجهت إلى دبي».

حنكة عالية يتمتع بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وقدرة عالية على التعامل مع مثل هذه الظروف والخروج منها قوياً، وهو ما يتجلى في طريقة تعامله مع الطائرة المختطفة، إذ يشير سموه إلى أنه أعطى أوامره فوراً لرجاله، بأن «أعلموا الشيخ راشد»، متابعاً: «اتجهت بسرعة البرق إلى المطار.

أمضيت ستين دقيقة في إعداد رجالي وتهيئتهم للتصرف مع الموقف، ثم اتجهت إلى برج المراقبة.. عندما انتهينا من تجهيز كل شيء، خاطبت الطائرة من برج المراقبة قائلاً: رحلة لوفتهانزا، نصرح لك بالهبوط على الأرض».

في مثل هذه المواقف عادة تفرض الفوضى نفسها، وتقع الأنفس تحت الضغط، ولا سيما إن كان الأمر يتعلق بأرواح الأبرياء، ولكن الوضع كان مغايراً مع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي ظل طوال الوقت محافظاً على هدوئه، يراقب الموقف عن كثب، إذ يقول: «راقبنا (بوينغ 737)، وهي تُنزل عجلاتها التي احتكت بالأرض، وهنا عرفنا أننا في موقف عصيب.. عندما هبطت الطائرة، استولى أحد الخاطفين على الميكروفون وملأ البرج بصدى صوته.

وخلال ذلك، كنت هادئاً جداً، وبدت أرواح الركاب أقرب للإنقاذ، استمعت إليه ووافقت على إيصال الطعام والماء للطائرة».

رحلة طويلة

هبوط الطائرة في دبي، لم يكن سوى بداية لرحلة طويلة، وبحسب تعبير سموه، فقد «كان من مطالب الخاطفين إطلاق سراح رفاق لهم أعضاء في جماعة الجيش الأحمر»، ويقول: «كنت متأكداً من أنهم سيطلبون المزيد من الوقود عندما يعرفون أن الإمارات لن تحمي الإرهابيين مقابل حياة المسافرين، وبعد الساعات الثماني والأربعين التي تحاورت فيها مع هذا الرجل، وافقنا على تزويد الطائرة بالوقود لمنع الخاطفين من تنفيذ وعيدهم بقتل الركاب واحداً تلو آخر كل عشر دقائق، إلى أن غادرت الطائرة».

كان مطار عدن هو الوجهة التالية للرحلة، وفي هذا السياق، يواصل سموه: «عندما وصلت الطائرة إلى عدن، قام أحد الخاطفين بإطلاق النار على كابتن الطائرة ورموا جثته على المدرج كي تلبى طلباتهم. كان اسم الطيار يورغن شومان.

ومرت أيام عدة وأنا أسمع صوته كلما أغمضت عيني، فأنا آخر شخص تحدث إليه عندما أقلع بطائرته من دبي، عندما أقلعت الطائرة من مدرجنا وارتفعت، قلت: حماك الله يا كابتن، وسمعت صوت الميكروفون في إشارة منه إلى أنه سمعني». ويتابع: «بعد مقتل الطيار، تمت تلبية مطالب الخاطفين وحصلوا على المزيد من الوقود في عدن واتجهوا إلى مقديشو في الصومال.

دعوت الله أن يساعد المسافرين في هذه الطائرة في هذه الساعات العصيبة، وشعرت براحة عندما علمت أن وحدة کوماندوز ألمانية لمكافحة الإرهاب دهمت الطائرة بنجاح، وحررت الركاب بعد القضاء على ثلاثة من الخاطفين واعتقال رابعهم لم يقتل أي من الركاب الذين استأثروا بكل اهتمامي وأصبحوا عالمي فترة وجيزة، ولم يتعرض طاقم الطائرة للأذى، إلا الكابتن الذي أزهقت روحه سدی».

حكاية أخرى

شهر أكتوبر في ذلك العام، بدا ساخناً بأحداثه، إذ لم يكتفِ سموه بسرد حكاية طائرة «بوينغ 737»، وإنما آثر أن يقدم لنا حكاية أخرى، جرت أحداثها في مطار أبوظبي، ذهب ضحيتها أحد أبناء الإمارات، ليشكل ذلك خبراً صادماً للجميع، إذ يقول سموه: «بعد عدة أيام كانت هناك اجتماعات في أبوظبي حضرتها مع وزير الخارجية السوري عبدالحليم خدام.

كان يوماً مليئاً بالمباحثات حول الوضع في المنطقة، أثناء عودتي أوقفت سيارتي على جانب الطريق عندما تم إبلاغي بالنبأ الصادم»، مضيفاً: «كان وزير الخارجية عبدالحليم خدام في طريقه إلى قاعة الشرف بمطار أبوظبي عندما تعرض لإطلاق نار من قاتل مأجور. الرصاصات الغادرة أخطأته وأصابت سيف بن غباش، وزير الدولة للشؤون الخارجية بالإمارات. لقد مات وهو في قمة عطائه».

ما شهده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، من أحداث في حياته، كفيل بأن يبرر مدى حرصه على سيادة الأمن والأمان في دبي والإمارات، وهو ما يؤكده بقوله: «لأني أمقت القتل والعنف غير المبرر، فقد عاهدت نفسي أن أجعل من هذا البلد آمناً مطمئناً لكل من يعيش فيه».

Email