قضية ديب وهيرد.. عنف إعلامي بشأن قضية شخصية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

انتهت يوم الجمعة الشهادات في محكمة دعوى التشهير التي رفعها الممثل الأمريكي جوني ديب ضد أمبرد هيرد، وهي الاتهامات التي أطلقت نوبة الجنون الإعلامي واسع النطاق.

والآن، عندما تباشر هيئة المحلفين مداولاتها، وبغض النظر عن النتيجة، يقول خبراء في جامعة نورث إيسترن بالولايات المتحدة إن رد الفعل المبالغ فيه في القضية قد يأتي بعواقب اجتماعية، لا سيما رد الفعل الشعبي المفرط لصالح جوني ديب، الذي يُخشى ألا تكون القضايا القانونية محركه، بل عبادة المشاهير، وفيما يرون أن القضية قد تساعد في الإشارة إلى قضايا العنف الظرفي التي يمارسه الجنسان الواحد تجاه الآخر، يتخوفون من أن تكون المضايقات بحق هيرد مؤشراً لكراهية تجاه النساء، وأن تخرب على ضحايا العنف المنزلي في المستقبل، آملين ألا يحدث هذا، وألا تثني القضية الجمهور عن تصديق النساء.

وكان الممثلان قد تزوجا لفترة 15 شهراً ما بين 2015 و2016، ثم انفصلا وسط طلاق مرير اتهمت خلاله أمبرد هيرد زوجها جوني ديب بالعنف المنزلي. والآن الزوجان متورطان في دعوى تشهير بسبب مزاعم بالإساءة، ويكمن جوهر القضية فيما إذا كانت هيرد قد شوهت سمعة ديب عندما كتبت مقالة رأي في صحيفة «واشنطن بوست» في ديسمبر 2018 تزعم أنها من الناجيات من العنف المنزلي.

وعلى الرغم من عدم ذكر اسم ديب في مقالة الرأي، زعم ديب في الدعوى القضائية التي رفعها في مارس 2019، أن الموضوع «كان يتعلق به بوضوح» وأنه تسبب في ضرر جديد لسمعته ومسيرته المهنية. ووفقاً للدعوى القضائية، فقد أسقطت مجموعة ديزني الممثل ديب من امتياز فيلم «قراصنة الكاريبي» بعد أربعة أيام من نشر المقالة، وهو يقاضي للحصول على 50 مليون دولار، فيما تقاضي هيرد للحصول على 100 مليون دولار.

تقول الأستاذة في كلية الحقوق بجامعة نورث ايسترن، ماري لانديرغن، في مقالة على موقع الجامعة، إنه لكي تنجح دعوى ديب يجب على فريقه إثبات أن مقالة الرأي كانت عنه وأن المقالة كانت خطأ وقد أضرت به. علاوة على ذلك: «هناك درجة من النية يجب إظهارها «كما تقول» وإثبات أن أمبر هيرد تعلم أنها على خطأ أو أنها تتجاهل الحقيقة بتهور».

 

شهادات

وعلى مدى ستة أسابيع من الشهادات، حاول فريق ديب القيام بذلك أمام محكمة محلفين في فيرجينيا، حيث يقع المقر الرئيسي لصحيفة واشنطن بوست. وقد تبادل الطرفان تهماً بالإساءة، ونفى كل منهما مزاعم الطرف الآخر.

وعلى طول المحاكمة، فإن التفاصيل المروعة للعلاقة المضطربة بين الزوجين، التي عاشت على الإنترنت لعدد من السنوات، جذبت المستخدمين وثقافة الإنترنت، ما دفع الكثيرين إلى الانحياز لأحدهما. لكن قد تكون الحقيقة الأبرز، كما يقول خبراء جامعة نورث إيسترن، هي رد الفعل المفرط، لا سيما لصالح ديب. وكانت هناك حملات هاشتاغ «العدالة لجوني ديب»، وجرى تداول «حركة الرجال أيضاً» على «توتير»، كما حصدت مشاركات «العدالة لجوني ديب» على «تيك توك» ملايين المشاهدات، وهو ما رأت فيه لانديرغان: «العالم يبدو أنه يحشد لصالح جوني ديب».

وحول ذلك، تقول أستاذة الصحافة في جامعة نورث إيسترن، لوريل ليف، إن الاهتمام في جانب منه يعود إلى إتاحة التجربة للجمهور على الإنترنت، إذ لا يتم تصوير جميع المحاكمات، ولم تكن هذه الممارسة قائمة حتى أوائل التسعينيات، وبوجه خاص في عام 1995، عندما حظيت محاكمة أو جيه سمبسون التي تم بثها على التلفزيون باهتمام مماثل من الجمهور.

تقول ليف إنه على غرار محاكمة سيمبسون ليست القضايا القانونية المطبقة هي التي تهم الأشخاص في قضية ديب، بل عبادة المشاهير. وتضيف: «أعتقد أنه يتعلق أساساً بجوانب النجومية والبهرجة فيها»، وهنا فإن الجمهور هو من يقود النقاش حول القضية وليس الإعلام.

 

مضايقات

وكانت المضايقات عبر الإنترنت لهيرد كثيرة، من هاشتاغ «أمبر هيرد مريضة نفسياً» إلى «أمبر الحقيرة» وتمت تسميتها بأسماء مثل «الساعية وراء المال» و«العاهرة المجنونة»، وهي تسميات في نظر لانديرغان «مثيرة للقلق»، حيث تقول: «تم تحويل الأمر إلى سيرك وأجده مزعجاً للغاية. فقد خرجت الأمور عن السيطرة».

وحول قضايا العنف، ترى الأستاذة السريرية في كلية الحقوق بجامعة نورث إيسترن، مارغو لينداور، أن العنف الذي يؤدي إلى إصابات خطيرة بالغة وعلاج في المستشفيات واعتقالات يكون وراءه الرجال، لكن عندما يتعلق الأمر بـ«العنف الظرفي بين الزوجين» مثل الدفع أو الصراخ أو التهديد دون إصابات بالغة، فإن هذا النوع من السلوك له تكافؤ بين الجنسين. وأيضاً قد يكون من الصعب جداً على الرجال الإبلاغ عن هذا العنف كما هو الحال مع النساء. فـالعنف والإبلاغ عن العنف وصمة عار للجنسين، حسب قولها.

 

فروق

وتضيف لينداور: «يمكن أن يكون العنف في القضية من الطرفين، وهذا قد يساعد في فهم الفروق الدقيقة للعنف بشكل أفضل» باعتبار أنه يسلط الضوء بالتأكيد على السلوكيات غير الصحية والميول العنيفة التي يجلبها أشخاص مختلفون إلى العلاقة، ومع ذلك تقول لينداور إن انحياز محكمة الرأي العام بشدة لصالح ديب قد يكون إشارة إلى أكثر من مجرد طريقة فهم المشاهدين للأدلة أو شهرة ديب، إذ قد يشير أيضاً إلى كراهية النساء الكامنة، وتوضح موقفها قائلة: «أعتقد أن الناس يسارعون في عدم تصديق النساء، ولا يريدون تصديقها، وينصب تركيز الجمهور على نقاط الضعف في قضية هيرد بدلاً من قضية ديب».

إضافة إلى ذلك، تشير لينداور إلى أن هيرد «ليست ضحية مثالية». فقد اعترفت في شرائط صوتية بضرب ديب، وتم إلقاء القبض عليها بتهمة العنف المنزلي في عام 2009، لكنها تضيف: «يواجه الناس صعوبة في الاحتفاظ بهذا الفارق الدقيق، حيث يمكن أن تكون ضحية وألا تكون أيضاً شخصاً مثالياً، أو أن تكون ارتكبت أعمال عنف ولم تتصرف بشكل مثالي».

وتخشى لانديرغان من أن يكون لرد الفعل هذا تداعيات على ضحايا العنف المنزلي في المستقبل، وتضيف: «كان هناك الكثير من المضايقات ضدها مما يجعلني أشعر بالقلق من أن الناس سيتخوفون من التقدم بقضايا تطال العنف المنزلي».

ولهذا تأمل ليف ألا يحدث هذا، وألا تثني القضية الجمهور عن تصديق النساء. وتقول: «إنها حالة واحدة فقط ويستمتع الناس بمشاهدة المشهد، فهل سيقرأون بعد ذلك في المشهد أكثر مما ينبغي؟!».

Email