الإنتاج الدرامي العربي.. صيد ثمين للمنصات الرقمية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أن أرضية المنصات الرقمية آخذة بالاتساع في المنطقة العربية، فمع ارتفاع حدة المنافسة فيما بينها على قلوب المشتركين، امتدت الخيوط نحو الإنتاج الدرامي، فالكل يرغب في رفع نسبة «المحتوى العربي» على واجهته، أملاً في إرواء عطش الجمهور لإنتاجات «عربية تحاكي العالمية».

قواعد لعبة الإنتاج الدرامي العربي بدأت بالتغير، مع توجه شركات الإنتاج نحو المنصات الرقمية، التي تبنت فكرة «الإنتاج العربي الأصيل»، متوسدة بذلك على ما حققته مسلسلات «ما وراء الطبيعة» و«المنصة»، و«بغداد سنترال» وفيلم «موصل» وغيرها، من نجاحات وضعتها على قائمة الأعلى مشاهدة، بعد ذهابها إلى مناطق جديدة لم يعهدها المشاهد العربي قبلاً، ما شكل مدخلاً للمنصات الرقمية لتغير توجهاتها، عبر زيادة نسبة المحتوى العربي الأصيل في مكتباتها، ليفتح ذلك الأعين على مدى اهتمام المنصات الرقمية بالإنتاج الدرامي العربي، لا سيما في ظل انتشار جائحة «كوفيد19»، التي شهدت ارتفاعاً في نسبة إقبال الجمهور على المنصات.

التوجه نحو الإنتاج الدرامي العربي، بدا أشبه بـ«صيد ثمين» بالنسبة للمنصات الرقمية مثل نتفليكس وستارز بلاي واو اس ان وشاهد. نت وغيرها، والتي خصصت جانباً من استثماراتها لأجل تأمين محتوى عربي قادر على تلبية رغبات مشتركيها، وهو ما قامت به شبكة «او اس ان» التي تمضي حالياً في «مضاعفة استثماراتها في المحتوى العربي خلال 2021»، وفق ما قالته رولا كرم، الرئيسة التنفيذية بالإنابة لقسم المحتوى لدى شبكة OSN لـ «البيان»: «لدينا خطط لإطلاق إنتاجات «او اس ان» الأصلية التي ستمثل 25% من محتوانا في 2021، كما نعتزم أيضاً تطوير تجربة المشاهدة عبر منصتنا، وستتوفر أحدث الإنتاجات العربية لمشاهدينا عبر التلفزيون وتطبيق «أو اس ان» في آنٍ واحد».

جائحة «كوفيد19»، كشفت عن مدى الحاجة إلى رفع وتيرة الإنتاج العربي الأصيل، وبحسب رولا كرم، فإن «إطلاق إنتاجات (أو إس إن) الأصيلة، تمثل مرحلة جديدة تتماشى مع سياسة التكيف التي تعتمدها الشبكة، فيما يتعلق باختيار وتوفير المحتوى وأسلوب عرضه، بهدف إرضاء رغبات الجمهور بالمنطقة». وقالت: «إطلاقنا لمجموعة إنتاجاتنا الأصلية في الربع الأخير من 2020 يعكس التزامنا بتوفير المزيد من المحتوى العربي»، ضاربة مثلاً في برنامج «يلا نتعشى» (النسخة العربية من تلفزيون الواقع Come Dine with Me) الذي صور في الإمارات، وبرنامج «قعدة رجالة»، إلى جانب مجموعة أعمال أخرى تعكف الشبكة على إنتاجها حالياً، تمهيداً لعرضها في 2021. ونوهت إلى إن «الإنتاجات العربية تكتسب رواجاً ملحوظاً على الصعيد العالمي، بفضل انتشار المنصات الرقمية».

وقالت: «نتيجة لنمو قاعدة الجمهور عدداً وتنوعاً، فإن جودة الإنتاجات العربية باتت تشهد تطوراً مستمراً، وهو ما لمسناه في فيلم (المرشحة المثالية) للمخرجة هيفاء المنصور، الذي تنفرد شبكتنا بعرضه». ورغم قناعتها بأن «السوق لا يزال يتسع لخدمات القنوات الفضائية التقليدية، وخدمات بث المحتوى عند الطلب»، إلا أن رولا كرم، ترى أن أمام «قطاع البث عبر الإنترنت مستقبلاً واعداً، لا سيما إن كان الأمر متعلقاً بمشاهدة المحتوى الترفيهي في المنزل»، مؤكدة في حديثها مع «البيان» اعتزام الشبكة على مواصلة التركيز في عملها على القطاعين، وتطوير خدمات منصة البث عبر الإنترنت، مشيرة إلى أن الشبكة نجحت في تقديم محتوى ترفيهي متميز عبر منصاتها. وقالت: «خلال الفترة الماضية قدمنا إنتاجات حصرية لأهم الشركات العالمية، مثل (اتش بي او) و(ديزني +) وغيرها، إضافة إلى المحتوى العربي».

من جانبه، يؤكد داني بيتس، رئيس العمليات وشريك مؤسس في «ستارز بلاي» أن «بث الفيديو عبر الانترنت سيشكل 80% من حركة المرور على الانترنت بحلول 2022، بحسب تقارير قطاع مشاهدة الفيديو حسب الطلب». وقال: «مع انتشار الأجهزة المحمولة وأجهزة الاتصالات الأخرى، تشهد المنطقة نمواً كبيراً في الوقت الراهن، وهو ما يدفع إلى التحول من الفضائيات إلى المنصات الرقمية بشكل أكبر، حيث بات جيل الشباب يتحولون نحو البث عبر الإنترنت، ما يشكل مستقبل المنصات الرقمية»، وبين أن جائحة «كوفيد19 غيرت من كيفية استهلاك منصات الترفيه في المنطقة»، قائلاً: «حقق قطاع مشاهدة الفيديو حسب الطلب، مكاسب عالية هذا العام، في ظل وجود الجميع في منازلهم».

بيتس أشار لـ«البيان» إلى أن المنصات الرقمية أحدثت «ثورة في استهلاك الترفيه حول العالم». وقال: «رغم أن المحتوى باللغة الإنجليزية لا يزال هو الخيار السائد لمشتركينا، إلا أن المحتوى العربي ضاعف حصته من إجمالي الاستهلاك، وبلغ ذروته خلال المراحل الأولى من الجائحة»، مؤكداً أن «معدل ساعات مشاهدة محتوى اللغة العربية ارتفع من 5% في يناير 2019 إلى 10% في يناير 2020»، منوهاً إلى أنه تم «بث محتوى عربي أكثر بخمس مرات خلال أشهر جائحة «كوفيد19» مقارنة مع بداية 2020». واستشهد بيتس في مسلسلات «رحيم» و«مملكة النار» التي قال إنها «سجلت أداءً جيداً»، مضيفاً: «سعت المنصة إلى إضافة مجموعة من الأعمال إلى قائمتها مثل (حلاوة الدنيا) و(حجر جهنم) و(طلعت روحي) و(لا تطفئ الشمس) و(غراند أوتيل) وغيرها.

اهتمام «ستارز بلاي» بالإنتاج الدرامي العربي الأصيل، بدا واضحاً بعد إدراكها لحجم الإقبال على المحتوى، وفي ذلك، قال بيتس: «لقد أدركنا الحاجة للدخول في قطاع المحتوى العربي الأصلي لمشاهدينا من جيل الشباب، حيث تحول طلب المستهلكين على المحتوى الترفيهي بالمنطقة بشكل أساسي إلى المشاهدة عبر الإنترنت»، مشيراً إلى أن المنصة أطلقت هذا العام مسلسل «بغداد سنترال» الذي يعد باكورة إنتاجها العربي. وقال: «تلقى المسلسل استجابةً كبيرة من مشتركينا في منطقة الشرق الأوسط، ما يجعله مثالاً على كيفية حصول قصص المنطقة على صدى كبير بين المشاهدين». وتابع: «في الآونة الأخيرة دخلنا في شراكة مع (إيمج نيشن) في أبوظبي، لتعزيز القيمة والتنوع ضمن محفظتنا من المحتوى، وإنشاء أول سلسلة محتوى عربي أصلي لدينا».

من طرفه، لا يرى المخرج الإماراتي منصور اليبهوني الظاهري، منتج مسلسل «المنصة»، الذي يعرض على «نتفليكس» أن المنصات الرقمية، قد غيرت قواعد لعبة الإنتاج الدرامي العربي. وقال: «لا يمكن اعتبار ما يجري حالياً بمثابه تغيير لقواعد الإنتاج، وإنما هو واقع جديد، في ظل استثمار ملايين الدولارات في هذه الصناعة العصرية»، مشيراً في رده على سؤال «البيان» حول إن كانت المنصات الرقمية قد أشبعت بما تقدمه من أعمال مختلفة رغبات الجمهور العربي، إلى أن «السوق مبني بالأساس على قاعدة العرض والطلب». وقال: «بناءً على هذا المبدأ، فقد لاحظنا جميعاً ارتفاعاً في سقف طلبات الجمهور العربي، حتى يتم إنتاج أعمال جديدة قادرة على منافسة الأعمال العالمية التي تعرضها المنصات الرقمية الكبرى»، منوهاً إلى أنه «ربما يشهد المستقبل اهتماماً من قبل المنصات الرقمية لإنتاج أعمال جديدة قادرة على إشباع رغبة الجمهور العربي».

Email