THE DIG دراما هادئة في أجواء الحرب

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تزال الحرب العالمية الثانية مادة خصبة في السينما. أفلام كثيرة خرجت إلى النور، بنيت سرديتها على ما شهدته تلك الفترة، إلا أن فيلم «التنقيب»

(The Dig) للمخرج سايمون ستون، لم يقترب من منطقة الحرب كثيراً، رغم استعانته بأجوائها.

فقد آثر ستون اصطحابنا نحو منطقة التنقيب عن الآثار، ليقدم لنا دراما شديدة الهدوء في إيقاعها، زاخرة بالسرد التاريخي وبالصراعات الإنسانية، يذكرنا من خلالها بمغامرات «إنديانا جونز». «ما الذي سيبقى منا خلال ألف عام؟» سؤال تطرحه الممثلة ليلي جيمس، (تلعب شخصية عالمة الآثار بيغي)، في أحد حواراتها بالفيلم الذي تعرضه نتفليكس، وفي الوقت ذاته تجيب: «ربما عملة معدنية، شظايا الكوب الذي تحمله، التروس في ساعتك»، ذلك السؤال قد يثير شغفك وأنت تتابع حكاية فيلم «ذا ديج» التي تتناول قصة اكتشاف آثار تعود إلى حقبة الأنجلو سكسونية، في موقع «سوتون هو» في بريطانيا، عام 1939، على يد عالم آثار هاوٍ يدعى بازيل براون، حيث يصور لنا الفيلم كيف انطلق بازيل في عملية التنقيب بطلب من الأرملة إديث بريتي (كاري موليجان) في أرض كانت قد اشترتها وزوجها في مقاطعة سافوك بشرق إنجلترا، حيث اعتقدت أن تلالها تحتوي على مقابر تعود إلى حقبة الفايكنغ. آنذاك اعتبر هذا الكشف أعظم اكتشاف أثري شهدته بريطانيا، من شأنه أن يحدث ثورة في فهمنا لانجلترا في العصور المبكرة أو كما يطلق عليها العصور المظلمة، حيث كانت الآثار المكتشفة عبارة عن هيكل سفينة للأنجلو ساكسون طولها 27 متراً وفيه غرفة دفن مليئة بالكنوز.

حكاية ثرية

حكاية الفيلم ثرية بالسرد على الآثار والحقب التاريخية التي مرت على بريطانياً، ورغم أنها تقوم أساساً على كتفي بازل براون (الممثل ريف فاينس)، فإن العمل لا يعتبر سيرة ذاتية له، كما أنه ليس فيلماً تاريخياً، بقدر ما هو دراما مغرقة في الهدوء تشبه إلى حد كبير الأجواء الباردة التي تعيشها بريطانيا، ذلك ما نلحظه منذ بداية المشهد الأول الذي يفتتح فيه سايمون الفيلم، حيث ينتقل بازل بدراجته الهوائية على متن قارب صغير ليصل إلى بيت إديث بريتي، حيث يقع الموقع الذي سيقوم فيه بعملية التنقيب.

طوال الوقت، سعى سايمون إلى إبقاء الفيلم رغم كل تقلباته داخل دائرة «الدراما الهادئة»، التي شكلت واحدة من أركان الفيلم الأساسية، فيما قامت أركانه الأخرى على الصراع الدرامي الذي يجري بين الشخصيات، والذي يتجلى بعد الإعلان عن الكشف الأثري، واكتشاف مدى أهميته، حيث يبدأ الصراع حول من ينسب إليه الفضل في هذا الاكتشاف، فالكل يطمح لأن ينسب الفضل إلى نفسه، لتشعر لوهلة أن جهود بازل قد ضاعت في خضم هذا الصراع، الذي نشهد فيه حوارات عديدة بعضها تارة تأخذنا نحو عمق التاريخ، وتارة تحاول أن تستشرف المستقبل، وما الذي يمكن أن تؤدي إليه الحرب في حال دخول بريطانيا فيها، وهنا لم يغفل سايمون عن الاستعانة بأجواء الحرب، عبر مشاهد عابرة، سواء في تلك المتعلقة بأسراب الطائرات التي تمر من فوق المكان، أو عبر مشاهد خروج الجنود نحو معسكراتهم تلبية للنداء.

صراع داخلي

الصراع بين الشخصيات لم يكن خارجياً فقط، وإنما سعى سايمون إلى التغلغل فيه نحو الداخل، وذلك تجلى في شخصية «بيغي» والتي تعاني من إهمال زوجها لها، رغم أنها لا تزال تعيش معه في شهر العسل، لتبدأ بالبحث عن الحب في مكان آخر، وهو ما تجده لدى قريب إديث بريتي، الذي يستعد هو الآخر للذهاب إلى الحرب، ولكنها تجد معه من خلال حواراتهما المتكررة خيطاً مشتركاً يجمعهما على خط واحد. في المقابل لم تهرب إديث بريتي من الصراع الداخلي، وهي التي تعاني من مرض في القلب يهدد بإنهاء حياتها في أي لحظة، وكذلك بازيل براون الذي يحاول أن يؤمن قوت عيشه، ويطمح إلى أن يكون له شأن عال في مجتمع علماء الآثار، لا سيما بعد هذا الاكتشاف الكبير، ولكن أحلامه في كل مرة كانت تنتهي بمجرد أن يفض الناس من حوله.

رغم ما يمتلئ به الفيلم من صراعات فإن سايمون نجح في المحافظة على بقاء الجميع داخل دائرة الدراما الهادئة، ليستفيد منها في إبقاء المشاهد متوتراً، موظفاً في الوقت نفسه تقنيات المونتاج وقطع المشاهد التي بدت مبتكرة، حيث استخدم فيها تقنيتي (L Cut) و(G Cut) التي حاول فيها دمج المشاهد والحوارات بطريقة تبقي المشاهد متصلاً مع الحكاية بطريقة ما.

Email