قبل 2.6 مليون سنة.. نوعان من البشر الأوائل عاشا معاً على أرض إفريقيا القديمة

في اكتشاف علمي مثير كشفت حفريات جديدة في منطقة ليدي-جيرارو بإثيوبيا أن أقدم البشر عاشوا جنباً إلى جنب مع نوع آخر من أشباه البشر هو الأسترالوبيثكس قبل نحو 2.6 مليون سنة، ما يغيّر الفهم السائد عن خط تطور الإنسان.

الاكتشاف الذي نشر في مجلة "نيتشر" بقيادة فريق دولي من جامعة أركنساس، يقدم أدلة أحفورية غير مسبوقة تُظهر أن الإنسان (هومو) لم يظهر بعد انقراض أسلافه المباشرين، كما كان يُعتقد سابقاً، بل تعايش معهم في البيئة نفسها خلال فترة حرجة من التاريخ التطوري وفق scitechdaily.

ففي موقع الحفريات شمال شرق إثيوبيا، عُثر على أسنان بشرية هي الأقدم في السجل الأحفوري حتى الآن، تعود إلى ما بين 2.6 و3 ملايين سنة، إلى جانب بقايا أسترالوبيثكس، وهو النوع الذي تنتمي إليه "لوسي" الشهيرة التي اكتُشفت سابقاً في المنطقة نفسها.

هذا التداخل الزمني بين النوعين أثار دهشة العلماء، إذ كان الاعتقاد السائد أن الأسترالوبيثكس اختفى قبل ظهور الإنسان الحديث المبكر.

يقول لوكاس ديليزين، أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة أركنساس والمشارك في الدراسة، إن هذا الاكتشاف "يُجبرنا على إعادة النظر في فكرة التطور كعملية خطية".

فالبشر، بحسب ديليزين، "ليسوا نتيجة مسار واحد متصاعد، بل فرع من شجرة تطورية كثيفة، حيث تعايشت وتفاعلت عدة أنواع من أشباه البشر في فترات متقاربة".

وتُظهر المقارنة الدقيقة للأسنان أن هناك فروقاً طفيفة لكنها واضحة بين الإنسان والأسترالوبيثكس، ما يدل على اختلاف نمط الغذاء وطريقة الحياة.

ويُرجّح الباحثون أن الإنسان بدأ في تطوير سمات جديدة — مثل استخدام الأدوات وتناول اللحوم — لتفادي التنافس المباشر على الموارد، مما ساعده لاحقاً على البقاء والانتشار في أنحاء العالم.

الأمر المثير أن هذه الحفريات سبقت أي دليل معروف على صناعة الأدوات، ما يعني أن قدرة الإنسان على الابتكار ربما تطورت في سياق التفاعل والتنافس مع الأنواع الأخرى.

ويؤكد العلماء أن الأسنان، التي صمدت أمام عوامل الزمن بفضل طبقة المينا الصلبة، تُعد من أفضل الأدلة لفهم العلاقات بين الأنواع القديمة.

ومع أن شكل الجمجمة والجسم لا يزال مجهولاً، فإن هذا الاكتشاف يفتح باباً جديداً لفهم كيف تشكلت السلالة البشرية وسط تنوع بيئي وتنافسي معقد.

اليوم، يواصل فريق الباحثين بالتعاون مع سكان منطقة عفار المحليين البحث عن مزيد من الأدلة التي قد تملأ فجوات القصة التطورية للإنسان.

وإذا صحت الفرضيات الجديدة، فإن صورة "الإنسان الوحيد في المشهد" ستتغير جذرياً — فقد لم نكن وحدنا حين بدأت رحلتنا على الأرض، بل كنا جزءاً من عائلة أكبر من الكائنات التي تشاركنا الأصل والموطن.