بوابات لعالم تحت الأرض.. أنفاق سرية أسفل أهرامات الجيزة

في اكتشاف قد يعيد كتابة تاريخ الحضارة المصرية القديمة، كشف فريق بحثي دولي عن شبكة من الأنفاق السرية والأعمدة الحجرية المدهشة أسفل هضبة الجيزة، بالقرب من أبو الهول وهرمي خوفو وخفرع تبدو وكأنها تحمل مفاتيح شبكة تحت الأرض واسعة النطاق. هذه الهياكل، المخبأة تحت الرمال لقرون، قد تكون المفتاح لعالم سفلي منسي، لم يُستكشف من قبل، ويعكس مستوىً مذهلاً من الهندسة والدقة التي تفوق ما كان يُعتقد عن مصر القديمة.

يقع الاكتشاف في مثلث استراتيجي بين الأهرامات الثلاثة، حيث كشف البئر الأول شمال شرق أبو الهول عن فتحة مربعة الشكل محفورة في الصخر، تنحدر إلى عمق 130 قدما، أي ما يعادل ارتفاع مبنى من 12 طابقًا تقريبًا. جدرانه المربعة المبطنة بالحجر الجيري والحجر الرملي تشبه هياكل الآلات القديمة، بينما على عمق 40 قدما، يحيط بالفتحة تجويف واسع يبلغ عرضه 80 قدمًا، يبدو مصممًا بدقة لا يمكن أن تكون نتيجة طبيعية.

يبعد بضعة أقدام عن البئر الأول، يظهر البئر الثاني بمحاذاة دقيقة، بالقرب من ممر موكب خفرع، الذي يربط بين معبد الوادي ومنطقة هرم خفرع. وجود اثنين من هذه البوابات الرأسية المتطابقة يشير إلى نظام هندسي متعمد ومعقد، وليس تصميماً عشوائياً.

أما البئر الثالث، على الجانب الشرقي من هرم خوفو، فهو الأكثر إثارة للإعجاب؛ مدخله مدعّم بكتل حجرية، ويحتوي على تجويف مصمم لرفع أو توجيه الأشياء من الأسفل، ما يوحي باستخدام متكرر، وربما يشير إلى وظيفة عملية أو طقسية.

تشير المسافات القصيرة بين الأنفاق الثلاثة، أقل من 165 قدما، إلى نمط هندسي متعمد يشابه محاذاة الأهرامات نفسها، ويبدو أن البناة القدماء وضعوا تصميمًا مترابطًا بين سطح الأرض وأسفلها، مع تلميحات واضحة لتقليد السماء على الأرض، بما في ذلك تشابه مع حزام الجبار.

التقنيات الحديثة مثل الرادار الأرضي المخترق، والتصوير المقطعي بالمقاومة الكهربائية، وتقنيات الرادار ذات الفتحة التركيبية عبر الأقمار الصناعية، كشفت عن شبكة مترابطة من التجاويف والأنفاق حول أبو الهول، مما يفتح الباب لتساؤلات حول الغرض الحقيقي من هذه المنشآت. هل كانت جزءا من نظام هيدروليكي متصل بنهر النيل؟ أم شبكة احتفالات وطقوس سرية؟ أم ربما الغرف المخفية التي تحدث عنها المؤرخ اليوناني هيرودوت قبل أكثر من 2000 عام، والتي وصفها بأنها تتضمن نحو 3000 غرفة تحت الأرض، بما في ذلك هرم ضخم مخفي؟

ما يثير الدهشة هو أن التصميم الداخلي لهذه الأنفاق تحت الأرض يظهر دقة متقاربة مع عظمة الأهرامات فوق الأرض. الأعمدة ليست مجرد شذوذ هندسي، بل ربما كانت بوابات رأسية تؤدي إلى شبكة من الأنفاق والغرف تحت الهضبة، ما يربط بين المعمار والهندسة والفلسفة والطقوس القديمة في تناغم مذهل، وفق تقرير لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

يبقى الغرض النهائي من هذه الأعمدة والأنفاق لغزا، لكن دقتها ومحاذاتها تشير إلى أن المصريين القدماء لم يتركوا شيئا للصدفة. هذه الاكتشافات قد تكون البوابة لاكتشاف عالم تحت الأرض، مليء بالغموض والآثار المخبأة، ويعيد صياغة فهمنا لمصر القديمة ويضعها في منظور جديد تمامًا.

يبدو أن هضبة الجيزة لا تزال تحتفظ بأسرارها العميقة، وأن هذه الأعمدة والأنفاق ليست مجرد فتحات حجرية؛ إنها أبواب لعالم سفلي ينتظر من يكتشفه، وقد يغير تصورنا للحضارة المصرية إلى الأبد.