«إن كلاسيكا» حفلات موسيقية فوق العادة في دبي أوبرا ولمدة أسبوع

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمدة أسبوع من كل عام يحتفي العالم بمهرجان الموسيقى الكلاسيكية، عبر الإضاءة على أهم موسيقيي العالم موهبة، ممن يكرسون جل وقتهم لعزف الكلاسيكيات ضمن المهرجان السنوي «إن كلاسيكا» للموسيقى الدولي. وعلى مستوى الشرق الأوسط، يستقبل مسرح دبي أوبرا هذا العام مجموعة من أسماء جذابة من جميع أنحاء العالم، سبق لها المشاركة في مهرجانات دولية موسيقية، واشتهرت بجمال العزف وفرادته أمام جماهير خاصة جداً تعشق المتعة الروحية، لتنقل هذه المواهب العبقرية حبها للموسيقى الكلاسيكية بإتقان وشغف، عبر العزف على آلات وترية مثل الجيتار وآلة الكمان والبيانو وغيرها من الآلات الوترية الخالية من الأصوات الموسيقية الكهربائية.

7 أيام

وعلى امتداد الأيام السبعة تم اختيار عازفين عالميين على كل آلة، أغلبهم من المعاصرين، مع منح الفرصة لهؤلاء الشباب الذين يعدون عباقرة العزف في العصر الحالي، وهم جميعاً على قائمة العازفين الكلاسيكيين، أي تلك القائمة التي تحمل أسماء أهم العازفين منذ عام 1685م، وبالتحديد منذ العهد الباروكي وحتى هذا اليوم مثل الموسيقي يوهان باخ وفيفالدي، ومن العصر الكلاسيكي أمثال موزارت وهوبر وهايدن وكليمنت، إلى العصر الرومانسي الذي يبدأ من القرن التاسع عشر، أمثال أغسطس فيلهلم، وشوبرت ويواكيم وشتراوس، إلى القرنين الأخيرين مثل بوسكوفسكي وشومسكي، وصولاً إلى هذا العصر من عازفين شباب ومواليد الثمانينات والتسعينات والألفية الثالثة.

موسيقى شعبية

وينضم إلى هذا المهرجان السنوي مجموعة من المختصين بالعزف المنفرد، لتستقبل دبي أوبرا وابتداءً من 4 مارس هذا المهرجان الكلاسيكي الأسبوعي للعزف، عازفة الكمان البريطانية الشهيرة كلوي هانزليب، مواليد 1987م والحائزة على جوائز عدة ومهمة منها جائزة «إيكو» كلاسيك في ألمانيا، وكذلك جائزة «كلاسيك بريت» الشعبية في بريطانيا، ونعني هنا بالموسيقى الشعبية بوصفها من الكلاسيكيات وضمن التراث القديم، وهذه الجوائز تمنح فقط للمواهب الشابة المذهلة في العزف، لتقدم كلوي هانزليب أمسيتها على آلة الكمان، وهي ليست أمسيتها الأولى في الإمارات، لكنها الأولى في أوبرا دبي، وتتطلع هانزليب إلى تقديم معزوفاتها الشهيرة بعد أن أصبحت معزوفاتها علامة تجارية خاصة بها، وبصمة فريدة ودافئة ورفيعة الذوق.

أما المتتبع لسيرة كلوي يجد أن ذلك ليس غريباً عليها، فهي تعزف منذ الثانية من عمرها وهو عمر مبكر جداً، بينما في الرابعة أدت أداءً منفرداً، لتنطلق في الخامسة وهي تغني وتعزف معاً، هذه الموهبة المبكرة أهلتها لتدرس في مدرسة موسيقية متخصصة، وتتمرن لساعات طوال يومياً، وفي بهو هذه الذاكرة الطرية للأنغام تدخل كلوي في مسابقات دولية حتى أصبحت مؤهلة عزفاً في قاعات الحفلات الموسيقية الكبرى، مثل قاعة «كارنيجي» في منهاتن بمدينة نيويورك، وهي أشهر قاعة في العالم ومتخصصة في تقديم الكلاسيكيات، وقاعة ألبرت الملكية الموسيقية في لندن، وجولات حول العالم، وتتوهج بأناقة الموسيقى منذ الثالثة عشرة من عمرها إلى اليوم، ومع ذلك لم تتوقف كلوي لأخذ دروسها الموسيقية المتقدمة ومع أهم الموسيقيين، الأساتذة والأكاديميين والمايسترو «مكسيم فينجروف» وكل الذين لديهم ذخيرة من التسجيلات في الموسيقى الروسية والفرنسية وغيرهما، ولا سيما كونشيرتو الكمان الروسي لجمالياتها، كما تمرنت كلوي على يد الأساتذة المتعمقين والمؤمنين بموهبتها.

أشهر المواهب

ويستمر جدول فعاليات المهرجان، الذي تستثمر فيه مدينة دبي في أروع المعزوفات لاستقطاب نخبة من الحاضرين وعشاق الوتريات، باستضافة عازفة الكمان كلارا جومي كانغ من كوريا الجنوبية يوم الأحد 5 مارس، لتعزف أجمل معزوفاتها، تلك الموهبة المدهشة والفائزة بمسابقات دولية مثل مسابقة سيول للكمان عام 2009م، ومسابقة «إنديانوبوليس» الدولية للكمان لعام 2010م، جميعها جوائز أهلت كلارا لتصبح اليوم إحدى أشهر المواهب في جيلها، عبر قدراتها الفنية وأدائها العاطفي العميق. ويشاركها في تلك الليلة الموسيقية الفاتنة في العزف على آلة البيانو، ابن بلدها الموسيقي الموهوب صن ووك كيم، الذي كان يوماً أصغر عازف بيانو، ونال جائزة دولية في مسابقة مرموقة مستقطباً جمهوراً خاصاً متذوقاً لتلك الآلة الكلاسيكية والمعزوفات التي كان يعزف بعض أصعبها والتي تعود إلى أوائل الموسيقيين الأوروبيين، لينال الجائزة بالإجماع، ومنذ ذلك الوقت وتقديراً لموهبته تنهال عليه الدعوات للمشاركة كعازف، بدءاً من أوركسترا لندن السمفونية، إلى أوركسترا «دريسدن» و«شيكاغو سمفوني» ولوس أنجلوس وبرلين، أصبح مشاركاً حتى في مهرجانات البيانو وفي معظم عواصم العالم، وقيامه بتسجيل أهم معزوفات بيتهوفن مثل «سوناتة ضوء القمر» من أجل متعة الجمهور، حيث يعد اليوم من أفضل المؤدين للسيمفونيات العظيمة، أما في دبي وفي مسرح الأوبرا، فإنه سيقوم بالعزف مع زميلته الموسيقية كلارا جومي كانغ مقطوعات كلاسيكية لأعظم الملحنين في كل العصور.

المايسترو

يأتي في يوم 7 مارس ضمن مهرجان «إن كلاسيكا الدولي الموسيقى» لعام 2023، أحد أشهر العازفين على البيانو، الموسيقي البولندي بيتر أندرسزيوسكي الحاصل على لقب (المايسترو)، وهو لقب شرف واحترام وثقة لأي موسيقي يحصل عليه، حيث كان ولا يزال يستخدم هذا المصطلح في سياق الموسيقى الكلاسيكية الغربية ودور الأوبرا، وهو مسار في معناه الأساسي الإيطالي ويعني: معلم أو سيد، وبيتر أندرسزيوسكي فنان حصري منذ عام 2000م، حيث لم تكن هناك جائزة موسيقية في العالم إلا ونالها، خصوصاً بعد تسجيله معزوفات لأعمال «باخ» وعلى أقراص السي دي، لكن الأهم من هذا كله ظهوره في فيلم وثائقي تمثيلي مسجل يلعب فيه بيتر أندرسزيوسكي متحدثاً وموضحاً الاختلافات التي ظهرت في «تنويعات ديابيلي» نسبةً إلى الباحث الموسيقي أنطون ديابيلي، وهي الاختلافات التي حصل عليها حول أعمال بيتهوفن على رقصة الفالس، ومدى الاختلافات بين مفاتيح الصوت من خلال لوحة المفاتيح، بين بيتهوفن وباخ، ورغم أن باخ ولد قبل بيتهوفن بحوالي قرن، إلا أن تنويعاتهما باتت كتاباً ودراسة متقدمة عن أسلوبهما في التعبير، ويظهر بيتر في الفيلم ليصف وصفاً دقيقاً حول أعظم مجموعة موسيقية متنوعة على الإطلاق. وسوف يكون البولندي بيتر أندرسزيوسكي هذا المايسترو وأمير البيانو على مسرح دبي أوبرا، حيث يعد جمهوره بأمسية ساحرة من العزف على البيانو.

أسطورة عزف

وفي 8 مارس يمضي المهرجان ليأتي بأسطورة العزف على آلة الكمان الروسي ماكسيم وينجيروف، وهو من مواليد 1974م ويعيش في موناكو، ويوصف كأحد أهم عازفي الأوتار الحية في العالم متقناً العزف المنفرد منذ الخامسة عمره، ومسجلاً ألبوماته وهو في العاشرة فقط، ليفوز في ذلك العمر المبكر في مسابقة عازفي الكمان الدولية عام 1984م، كما نال في العشرين من عمره أبرز جائزة «جرامي وغراموفون» للموسيقى الكلاسيكية، مروراً بالجوائز العالمية الأخرى للموسيقى، بالإضافة إلى تكريمات وأوسمة من الأكاديميات الملكية، كما نال لقب فارس في موناكو عام 2019 كاستحقاق ثقافي. وها هو اليوم في حفل خاص به في دبي أوبرا ضمن مهرجان «إن كلاسيكا» منضماً إليه عازف البيانو الروسي الفرنسي رستم سيتكولوف الشهير برستم، الفائز بمسابقات دولية كمسابقة روما للبيانو لهذا العام، ومسابقة مونتي كارلو للبيانو، لكن علينا معرفة أنه قد تم تدريبه على آلة البيانو في معهد تشايكوفسكي الموسيقي في موسكو، حتى حصوله على دبلوم العزف المنفرد في عمر مبكر، وهذا جزء مهم من تاريخه الموسيقي، أما كغيره من الموسيقيين الموهوبين من النابغين منذ طفولتهم، فقد فاز في المسابقات الموسيقية المختلفة وفي جميع أنحاء أوروبا، ومشاركاً في مهرجاناتها الموسيقية، ومقدماً سلسلة من الحفلات الموسيقية برفقة زوجته عازفة التشيلو كلير أوبيرت، وابنتهما عازفة آلة الكمان كلارا سيتكولوف، كثلاثي مشهور.

نبوغ موسيقي

وفي الحفلة قبل الأخيرة لدورة هذا المهرجان، ويوم الخميس 9 مارس، تطل على الجمهور عازفة الكمان الصينية الأمريكية نانسي تشو الفائزة في مسابقة شانغهاي، وبالمشاركة مع المايسترو الإيطالي المخضرم وعازف البيانو والملحن جوزيبي برونو الحائز على مسابقة البيانو الدولية عام 1991م، وهو اليوم مدير المعهد الموسيقي في «لاسبيتسيا».

أما نانسي تشيو فتشتهر كما هي عادة الموسيقيين النوابغ بالعزف منذ الطفولة المبكرة، والتدريب على الموسيقى، والمشاركة في المسابقات الدولية منذ المراهقة الأولى، هذا النبوغ الموسيقي لم يجعلها تتوانى عن دراستها الجامعية، فهي خريجة جامعة هارفارد، ومع ذلك تعد اليوم من أشهر عازفي الشباب تميزاً في هذا العصر، لتأخذ المستمعين أثناء أدائها إلى عمق عاطفي آسر، ولطالما ترقبها جمهورها، وسوف يستمتعون بعزفها في أمسية بلا شك ستكون مبهرة وستبقى حتماً في الذاكرة.

ويختتم المهرجان «إن كلاسيكا» للموسيقى الكلاسيكية دورته لهذا العام في دبي أوبرا مع أشهر عازفي البيانو في عصرنا من حيث التأثير مع البريطاني آشلي واس، الذي درس في مدرسة موسيقية خاصة وتخرج في الأكاديمية الملكية للموسيقى، وفاز بمسابقة لندن الدولية للبيانو عام 1997م، لتصبح الحفلة مسك الختام مع معزوفاته.

Email