الصداقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الصداقة مهمة جداً في حياتنا، والصديق صنو الأخ، وبديل عنه في كثير من الأحيان، خاصة في الغربة وبعد مغادرة الأوطان وحينما يكون الشقيق بعيداً عن شقيقه، إذ تحتاج لمن تشكو إليه أو تستند عليه فلا تجد إلا الصديق.

واختيار الأصدقاء مسألة هامة هي الأخرى، لأن الصديق طريق، ومرجع يومي، وحينما يكون مخلصاً ومحباً لك وحكيماً في الحياة ويمتلك أخلاقاً رفيعة وهي نسبية أيضاً، فذلك غير حينما يكون صديقك منبع سوء في الأخلاق والتعامل ويمتلك صفات رديئة، حينذاك ستكون حياتك صعبة ورديئة وقد توصلك إلى المهالك.

قال أحد الحكماء لابنته، إن اختيار الصديق تماماً مثل هذا الثوب الأبيض الذي ترتديه، فإن كانت صديقتك ملوثة بالفحم الأسود فسيتلوث هذا الثوب ويفقد نظافته، فاختاري من الصديقات من لن تلوث سمعتك ومسيرتك وحياتك.

وفي حكاية أخرى، محمد وأحمد صديقان، وحرص محمد أن يسجل كل يوم في دفتر خاص ما يدفعه أحمد عنه من أجرة تاكسي وثمن شاي أو أكل في المطعم.. إلى آخره من المصروفات اليومية.

وقع دفتر محمد في يد أحمد بالصدفة، فعاتبه وسأل عن الأسباب، ثم قال له محمد: بهذا السجل، لو بالصدفة، أخطأت أنت بحقي فاذكر السنين من الصداقة بيننا.

البشرية بحاجة إلى أسبوع للاحتفال بالصداقة وللتذكير بالأصدقاء الذين لا يستغنى عنهم، حتى ولو أصبحوا جزءاً من الماضي، اجلس مع نفسك وفكر بأصدقائك الذين كانوا معك وعددهم وعدد مناقبهم وستجد مجموعة من الأصدقاء الطيبين الذين لا يمكن نسيانهم. عن نفسي، مارست هذه الفكرة عملياً وكتبت أسماء كثيرة في ورقة منفصلة قبل كتابة هذه الزاوية، أصدقاء، من العرب والأجانب، عشت معهم وجمعتنا الذكريات الجميلة والمواقف النبيلة، وصلت إلى أصدقائي الذين يحيطون بي، وتذكرت عدد الأصدقاء الذين وقفوا بالعشرات أمام المستشفى يوم كنت راقداً. هؤلاء هم أصدقائي الذين أحبهم ويحبونني، لا تفرطوا في الصداقة أو الصديق، خاصة الصديق، لأن أيامنا المتأزمة تصعّب علينا إيجاد الصديق المخلص. وقد أصبح نادراً أن تجد مثل هؤلاء بيننا. إنهم عملة نادرة في زماننا.

Email