الأدب البوليسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يفتقر الأدب العربي إلى جنس هام في الخريطة الثقافية، وهو ما نسميه بالأدب البوليسي الذي تخصص في رواية الجرائم على غير ما هو الحال في الغرب، إذ بدأ هذا الأدب في القرن التاسع عشر تقريباً، ويعتبر إدغار آلان بو مؤسس القصة البوليسية، ومن أهم الروائيين الكبار أجاثا كريستي وجورج سيمنون وآرثر كونان دويل.

إلا أن الأدب البوليسي في الغرب ظل يعاني من قلة النقاد والتقييم الأدبي، وما من جنس أدبي لا يحتاج إلى من يقيمه ويكتب عنه لإدامته واستقامته، والواقع أن هذا الجنس الأدبي حتى في أوروبا قد طاله التهميش النقدي وضعف الدراسات الأكاديمية على الرغم من انتشاره ووجود كتاب وقراء له، بل رغم أنه امتلك شعبية كبيرة.

لا أحد قد توصل إلى الأسباب التي دعت إلى عدم ظهور مثل هذا الجنس الأدبي في الثقافة العربية مع العلم أن روايات التجسس قد ظهرت بشكل جيد وتحول العديد منها إلى أفلام أو مسلسلات تلفزيونية، ولعل من أشهر روايات التجسس (قصتي مع الجاسوس) للكاتب ماهر عبد الحميد، وكذلك الأديب صالح مرسي الذي منح الرواية التجسسية نقلة جديدة وحياة أخرى غير ما كتب غيره، ولا بد من أن نذكر ما كتبه د. نبيل فاروق وعبد الله يسري وإحسان عبد القدوس ومجيد طوبيا. ولعل أهم من كتب في أدب الجاسوسية صالح مرسي وتحولت رواياته إلى مسلسلات هامة جداً في التلفزيون، مثل: مسلسل «رأفت الهجان» بأجزائه الثلاثة، وقد اكتسبت أهمية عند المشاهدين، بل وحصلت على عدد غير مسبوق منهم.

الأدب البوليسي غير أدب المخابرات، فالأول يتخصص بالجريمة في الحياة اليومية، بينما الآخر يتحدد بقصص الجواسيس وقدرتهم على التخفي والعمل في بلاد العدو.

كل العرب الذين كتبوا في الأدب البوليسي على حياء وهم أيضاً قلة، على غير ما ظهرت هذه الظاهرة في الأدب الغربي ودول أخرى في العالم، فالجريمة موجودة في كل مجتمع وعلى الأديب التقاط أحداثها، إلا أن الأديب العربي لم يلتفت إلى هذه الأجواء وظل بعيداً عنها، فحُرم أدبنا من جنس هام جداً في الحياة الثقافية ويعتبر نقصاً وحالة سلبية يعاني منها الأدب العربي بشكل عام.

Email