أرصفة

رمسيس بك

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن هدفه بناء مسرح ما، ولا أن يصبح ممثلاً متميزاً فقط، بل كان حلمه أبعد من هذا كله، حلمه أن يبني مدينة فنية كاملة اختار لها اسماً مصرياً فرعونياً، وسماها رمسيس ورصد لها ثروة كبيرة من ماله الخاص الذي ورثه عن أبيه، ولكن حلمه سرعان ما تهدم بانهيار مؤسسة يوسف وهبي. ومن أسباب تعثرها وسقوطها مكافآت الفنانين الكبيرة، والديكورات الفخمة باهظة الثمن، وحياة الباشوات التي عاشها يوسف وهبي. كل تلك العوامل ساعدت على انهيار مدينة رمسيس، وسيطرة أحد البنوك على هذا المشروع بعد إعلان إفلاس صاحبها.

انهارت مدينة رمسيس وأعلنت الحرب العالمية الثانية، وأغلقت المسارح في مصر إلا أن يوسف وهبي بما يحمله من تحد استطاع أن يجد باباً آخر لهوايته فاتجه للسينما، مؤلفاً ومخرجاً وممثلاً ومنتجاً، وكانت الحصيلة عدداً كبيراً من الأفلام التي ظلت إلى يومنا هذا بعد أن نجحت في زمنه مادياً وفنياً، وكان قد أنتج أول الأفلام المصرية الصامتة (زينب) الذي أخرجه محمد كريم عن قصة الدكتور محمد حسنين هيكل عام 1927م. وهو منتج أول فيلم عربي ناطق أيضاً (أولاد الذوات).

ويقول يوسف وهبي عن حياته: (عشرات السنين عشتها بين مد وجزر في قصور فاخرة وغرف في الأسطح يشاركني فيها الدجاج، رأسمال ضخم ورثته عن أبي وأضعته، ثم استرددته وأضعته، دوامة لا تهدأ، فقر وغنى، شظف وترف، ظلام وأضواء، قامرت وربحت وخسرت، وانتصرت وهزمت، لكني لم أسلم سلاحي ولم أخضع للأقدار، وظل المسرح محبوبتي التي ذبت فيها عشقاً منذ أن كنت في السابعة من عمري).

الإشكالية في حياة وهبي، رغم تربعه على عرش المسرح، أنه كان يظن أن الناس ستنساه بمرور الزمن، ولن يذكره أحد من المؤرخين، وليته كان الآن حياً ليرى بنفسه الدرجة والنظرة المثلى التي ينظر بها إلى تاريخه كل الناس من العامة وأهل المسرح، الذين يعتبرونه مثالاً وهرماً يضاف إلى أهرامات مصر العظيمة.

في نهاية حياته، انزوى وهبي بعيداً عن الأضواء، مريضاً مفلساً، وعانى من عدم النوم المرضي.. ونقل إلى الخارج للعلاج. وقال له الطبيب: إن حياتك السابقة أكبر من أن تنسى، فرد عليه: عشت ألف عام.

Email