العافور

ت + ت - الحجم الطبيعي

في فن الدراما اتفاق على أن كل ممثل يمكن أن يبعث الحزن في نفس المتلقي، من دون ضرورة لأن يكون متميزاً في قدراته الفنية، إلا أن الكوميديا من شرطها الأساسي تميز الممثل وامتلاكه لأدوات لا تتوافر عند زملائه، وإن كانوا على مستوى عالٍ في التراجيديا، لذا نجد أن فناني الكوميديا في العالم ليسوا كثراً، نسبة إلى مجموع العاملين في التمثيل.

والتاريخ لا ينسى عمالقة الكوميديا في الوطن العربي، أمثال: نجيب الريحاني، علي الكسار، ماري منيب، عبد السلام النابلسي، إسماعيل ياسين. ومن الأحياء الذي يتربعون على عرش الكوميديا: عادل أمام ودريد لحام. وعلى مستوى العالم، لا أحد سينسى العبقري شارلي شابلن، الأسطورة التي لن تتكرر في السينما العالمية، منذ السينما الصامتة وحتى اليوم. ثم الثنائي العجيب: لوريل وهاردي، والكوميديان الثنائي آبوت وكوستلو.

وهناك عدد من ممثلي الكوميديا الذين تركوا بصماتهم على السينما، أبرزهم وأشهرهم، بعد شابلن ولوريل وهاردي، الإنجليزي نورمان ويزدوم فيلسوف الأداء الكوميدي والجامع لعدة ميزات فنية كونه موسيقياً ومغنياً، وهو المفضّل عند شابلن.

القصد والمناسبة من وراء هذا العرض السريع لممثلي الكوميديا عربياً وعالمياً، هو رحيل «العافور» عبد الحسين عبد الرضا، في الفترة الأخيرة، والذي استطاع أن يتجاوز حدود الكويت ليدخل قلوب العرب أجمعين، أينما كانوا. إلى جانب قدرته على التربع على عرش الكوميديا في الخليج العربي والبلاد العربية، منذ ظهوره وحتى بعد رحيله.

إذ لم يطفئ الموت صورته المرسومة في قلوبنا، بل زادها توهجاً وهو الساكن بقلوب معجبيه أكثر من نصف قرن، إذ إنه ارتفع بالكوميديا إلى حد السخرية من حياتنا، وهو ما وجدناه في أعماله المسرحية والتلفزيونية الكثيرة، بدءاً من «باي باي لندن» و«عزوبي السالمية».. وصولاً إلى «العافور» و«سيلفي 3»، ومروراً بعشرات المسرحيات والمسلسلات والسهرات والأوبريتات التي لم تمحَ من مخليتنا وما زالت تبث فينا الفرح، رغم الحزن العميق على رحيله.

هكذا سجل عبد الحسين عبد الرضا، اسمه في سجل لا ينسى من الخالدين، في الدراما وفن الكوميديا، مع كبار النجوم الذين تركوا بصماتهم في تاريخ الدراما، فلن يستطيع أي باحث متخصص في فن المسرح العربي، إلا دخول عالم عبد الحسين عبد الرضا.

Email