سيد درويش

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الملاحظ أن معظم المبدعين يترجلون سريعاً ويتركون لنا حملاً ثقيلاً هو نتاجهم الغزير والنوعي والمتميز والخالد أيضاً، والأمثلة عديدة على ذلك من هؤلاء: أبو القاسم الشابي، بدر شاكر السياب، خلفان بن مصبح. غير أن سيد درويش ينضم لهم ويتميز عنهم.

ذلك أنه ترك للموسيقى العربية 200 لحن ودور وطقطوقة وأناشيد وطنية، ظلت حية حتى يومنا هذا، على الرغم من رحيله في 10 مارس 1923 وقد كانت ولادته 17 مارس 1892، أي انه لم يعش في الحياة سوى 31 عاماً، أنتج فيها هذا الكم النوعي الخالد الذي ما زلنا نسمعه وكأنه معاصر، بمعنى أن فن درويش يتجدد ذاتياً مع كل جيل من المستمعين.

درويش ابن ثورة 1919 التي فجرت طاقات الشعب المصري وطاقات درويش بالذات، حيث لحن لها نشيده الخالد (بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي)، ومن فضائله أن حياته وفنه كانا نقطة انطلاق الموسيقى العربية، بعد أن تركت الغرف المغلقة التي وضعها العثمانيون أمام الإبداع الغنائي فحبسوه وحجموه، إلا أن سيد درويش أطلق سراحه ونقل هذا الغناء إلى الشارع وشاركه الناس بكل طيبة وشفافية، ثم انه استطاع أيضاً أن يطور في الموسيقى ويجعلها حديثة مثلما طرح أغاني ذات نكهة جديدة ومواصفات مغايرة عما كانت عليه في زمن ما قبل درويش.

كل يوم نسمع سيد درويش، وإن كان رحيله قد تجاوز نصف قرن.. والأمثلة عديدة. غنتها فيروز وغناها إيمان البحر درويش، حفيده. وغيرهما من المطربين. كما استفاد العديد من الملحنين من تجارب درويش في تجديد الموسيقى والغناء العربي.

Email