شاعر المطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

مرت الذكرى الواحدة والخمسين لرحيل شاعر المطر بدر شاكر السياب، وحتى لا نكرر حكاياتنا عن غربته واضطهاده، لا بد من العودة إلى قصائده خاصة تلك التي خاطب بها الخليج العربي.

يا خليج يا واهب المحار والردى

وكأنه يختصر كل خيرات الخليج ملخصة بالمحار أي اللؤلؤ والردى، أي ما يحمل السفر والغوص من مخاطر تصل إلى الكوارث. وبذلك اختصر الغنى والخطر في بيت شعر واحد. وهو أيضاً كان مستشرفاً لمستقبل العراق قائلاً:

ما مر عام والعراق ليس فيه جوع

وها هو بلده يعاني من الفاقة والفقر وهو من أغنى بقاع العالم بما فيه من نفط ومعادن مختلفة، إضافة إلى خصب الأرض ووفرة الماء، هل يعقل أن يموت بلد من الجوع وهو بهذا الغنى، أو كما يقول المثل العراقي:(شلون يصير نقطة ماي بوسط الماي عطشانه).

يقال إن بدراً لم ينس أهل قريته حتى وهو في محنته الصحية. فكان يذهب بين الحين والآخر إلى جيكور القرية التي خلدها في شعره، ويجلس تحت (سدرة البومباية)، أي شجرة النبك ويزوره كل أهل القرية، حتى أولئك الذين لم يتعلموا القراءة والكتابة أو قراءة شعره وإبداعاته. وكان يقضي يومه سعيداً ناسياً مرضه وهمومه.. وحتى عدم قدرته على الحركة.

إن جيكور محفورة في قلب السياب، وهي ليست لفظة قالها صدفة في شعره، بل إنه جعلها معروفة في كل لغات العالم التي ترجمت إليها، حتى أصبحت جيكور القرية، أكثر شهره من لندن وباريس. هكذا هو الإبداع الذي يبدأ من الهم المحلي ليصبح حالة إبداع على مستوى العالم، ولنا في محمود درويش مثال آخر، حينما جعل خبز أمه أهم من الكيك الفرنسي وألذ طعماً.

عبد الإله عبد القادر

Email