أيها الموت تمهل

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ بداية هذا العام ونحن نُودّع مبدعاً تلو الآخر، حتى أنه في يوم واحد، رحل أخي الفنان التشكيلي المبدع محمد مهر الدين، وصديقي الشاعر محمد الفيتوري، المبدعين المميزين، كل في مجال فنه.

محمد مهر الدين صديق طفولتي، وزميل دراسة طويلة قضيناها معاً في المرحلة الإعدادية في البصرة، كان مبدعاً منذ أن كان طالباً في المرحلة الابتدائية، وما أن وصل المرحلة الإعدادية كان متميزاً بين زملائه: محمد راضي عبدالله وموريس حداد وجبار داوود العطية، بل كان بارزاً ومتمرداً حتى على أساتذته في الفن، لأنه كان يحمل في فكره كل أحلام فتى أحب التشكيل واللون ..

وبدأ يترجم أفكاره على الكانفاس، حتى دخل معهد الفنون الجميلة في بغداد، وبرز من بين زملائه، ثم برز في إنتاجه اليومي ومشاركاته في المعارض العامة والخاصة، خارج العراق وداخله، ورحل غريباً مثل غيره من المبدعين العراقيين.

أما محمد الفيتوري فهو بحق شاعر مبدع. هو الصوت الإفريقي في الحداثة الشعرية العربية، كان لي شرف اللقاء به شخصياً في أكثر من ثلاث مرات، أيام احتفالات المربد الشعرية ودعوة العديد من أعلام الشعر لحضوره، قضيت معه ليالي جميلة وهو يلقي قصائده ويستمع إلى شعراء آخرين من زملائه العراقيين.

 بسيط مثل أي مبدع سوداني عميق في شعره، عاشق لإفريقيا والسودان، ولكنه عاش غريباً متنقلاً في عواصم النفي المختلفة، ما بين القاهرة وليبيا وبيروت، والمغرب.. حيث مات قبل أيام مودعاً حياة الغربة تاركاً للأجيال إبداعات شعرية لا يمكن أن تُنسى بمرور القرون، هو الفيتوري الذي ستخلده إفريقيا مثلما خلدها في شعره.

Email