مملكة الحضر أقدم الممالك العربية في الهلال الخصيب، ومدينة الحضر تقع على مسافة 110 كم جنوب غرب الموصل، وظهرت في القرن الثاني الميلادي، وكانت كما تقول كُتب التاريخ، تضاهي روما في تقدمها وأسلحتها وحماماتها وأبراجها وتماثيلها، ولأنها مزدهرة، ضربت النقود الذهبية والفضية على الطريقة اليونانية والرومانية. كانت الحضر سداً منيعاً أمام غزوات الفرس والروم..
ودافع سكان الحضر عن مملكتهم دفاعاً شرساً، واستخدموا للمرة الأولى، أقواساً مزدوجة، وانهزم أمام الحضر الإمبراطور الفارسي أردشير الأول. في منطقة الهلال الخصيب، الذي يشمل سوريا والعراق ولبنان والأردن، تأسست ممالك عديدة، منها: الأنباط في البتراء، ومملكة تدمر، ودولة المناذرة، ودولة الغساسنة. وجميعها ممالك عربية تأسست خارج نطاق الجزيرة العربية.
دائرة الآثار العراقية في تنقيباتها عثرت على العديد من المنحوتات التي دُونت عليها القوانين والأنظمة، وميز الحضر موقعها المحاذي لنهري دجلة والفرات، كما استفاد الحضريون من النهرين في التجارة عبر الطريق المائي لهذين النهرين.
داعش جرف الحضر بالجرافات والبلدوزرات، في محاولة لطمس حضارة الحضر وطي صفحة التاريخ المشعة، التي ظلت تعطي وادي الرافدين أهميته التاريخية وقيمة للدول التي تعاقبت على هذه المنطقة الهامة جداً بين بقاع الكرة الأرضية. داعش قتل المئات من الأبرياء، ولم يكتفِ، فأراد أن يحارب الصخر، سينتصر على الصخر بلا شك !! لأنه لا يملك قوة الدفاع، إلا أن التاريخ سيظل يذكر تلك المرابع التاريخية، بينما داعش وقوى الظلام الأخرى في مزبلة التاريخ.