المعركة والشكوك

ت + ت - الحجم الطبيعي

إنني أرتدي زيا أخضر، غريبا، اتخذ من نسيج خشن..ووضعت يدي في قفاز أيضا، كي أتجنب أي خدوش يمكن أن أصاب بها.وأحمل شيئا يشبه الحربة يصل طوله إلى مثل طولي تقريبا، وفي أحد طرفية، ثلاثة امتدادات، وفي الطرف الآخر نهاية مدببة، وأمامي تمتد الحديقة التي أبادر إلى مهاجمتها. وبهذا الشيء الذي أحمله، أشرع في إزالة الأعشاب الضارة التي تنمو وسط النجيل، وأنجز هذا في وقت ليس بالقصير، وأنا أعرف أن كل نبتة أنتزعها ستذوي خلال يومين.

فجأة اسأل نفسي: هل أقوم بالشيء الصحيح حقا؟

إن ما ندعوه بالعشب الضار هو في حقيقة الأمر، محاولة للبقاء على قيد الحياة من جانب كائن بعينه، اقتضى من الطبيعة ملايين السنين لكي يتطور ويصل إلى ما هو عليه الآن. والزهرة خصبت على حساب أعداد لا تحصى من الحشرات، وتحولت إلى بذرة نثرتها الريح عبر الحقول، لأنها لم تغرس في مكان واحد، إنما في أمكنة عديدة. ولكن هذا الجهد للبقاء على قيد الحياة يُقضى عليه بطرف الحربة التي أحملها في يدي.

لماذا أقوم بهذا ؟

أبدع أحدهم هذه الحديقة، ولست أدري من هو، لأنني عندما اشتريت الدار كانت الحديقة موجودة بالفعل.. وتتناغم مع الأشجار والجبال المحيطة بالمنطقة. ولا بد أن صاحب الحديقة فكر طويلا في هويته وفي هدفه.

وفي نهاية المطاف، يساعدني نص "البهاجا فادغيتا" الهندي على مواجهة شكوكي، إذ أتذكر ذلك الموضع من الكتاب، الذي يقدم فيه كريشنا الرد على شكوك المحارب أرغونا، عندما يفقد الأخير عزمه قبيل معركة حاسمة ويلقي بأسلحته، ويقول إنه لن يشترك في معركة ستفضي إلى مصرع أخيه. فيجيب كريشنا:" هل تعتقد أنك تقتل أحدا ؟.. إن كل ما تقوم به كتب مسبقا، وما من أحد يقتل وما من أحد يموت". شجعتني هذه الذكرى، فالتقطت حربتي وعدت من جديد لمهاجمة الأعشاب التي لم أدعها للنمو في حديقتي، وتركني هذا كله بدرس صباحي مفيد: عندما ينمو شيء غير مرغوب فيه في روحي، فإنني أرفع يدي في الدعاء لكي تمنحني السماء الشجاعة لمهاجمته بلا رحمة.

Email