موسيقى الإيمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

مملكة هذا العالم

دعي ناسك يوماً، للمضي إلى بلاد ملك كان يعد أقوى ملوك عصره وزمانه، وعندما التقى الملك والحكيم، بادره الملك: "أحسد ناسكاً مثلك يكتفي من دنياه بأقل من القليل".

ابتسم الناسك ورد: "وأنا أحسدك أيها الملك الجليل لأنك تكتفي بما هو أقل مما لدي".

استبد الضيق بالملك، وتساءل غاضباً: "كيف يمكنك أن تقول ذلك، بينما هذا البلد كله ملك يميني؟".

قال الناسك: "إنني أقول ذلك على وجه الدقة، بسبب ما قلته أنت لتوّك، فأنا لدي موسيقى الأكوان السماوية، لدي أنهار العالم وجباله، لدي الشمس والقمر لأن الإيمان مستقر في فؤادي، بينما كل ما تملكه أنت هو مملكتك، لا أكثر ولا أقل".

عليك بطبيب آخر

استدعى ملك قوي، ناسكاً بسيطاً، أجمع الناس كافة على أنه يتمتع بقدرات مذهلة على الشفاء، تمكن أن يعالج الملك من آلام في ظهره أرقته.

عندما التقى الملك بالناسك، بادر الأخير: "فليساعدني الله، ولكن دعنا أولًا نتفهم أسباب هذه الآلام، وأود من جلالتكم أن تفصلوا القول في شؤونكم، لأن مثل هذا الحديث يجبر المرء على مواجهة مشكلاته ويحرره من الكثير من مشاعر الذنب، التي ربما تهيمن عليه".

اغتاظ الملك حيال مطالبته بأن يفكر في مشكلاته، وأن يفصح عنها علانية، على هذا النحو، فرد على الناسك غاضباً: "لست أريد الحديث حول مثل هذه الأمور. فأنا بحاجة إلى شخص يمكنه علاجي، من دون أن يطرح علي الكثير من الأسئلة كما فعلت".

لزم الناسك الصمت قليلًا، وحدق في سقف القاعة كأنما يفكر بما يتعين عليه عمله حيال موقف الملك، ثم ما لبث أن غادر المكان وعاد بعد نصف ساعة مصطحباً رجلاً آخر.

قال الناسك للملك، باسماً: "أعتقد أن الكلمات الصادرة من القلب، والتي تكشف أعماق النفس، يمكن أن تخفف الألم وتساعدني على اكتشاف الطريق الصحيح إلى العلاج، غير أن جلالتكم لا ترغبون في الحديث. لذا ليس بمقدوري مساعدتكم، لكني أحضرت لتوّي الرجل الذي تحتاجون على وجه الدقة، فصديقي طبيب بيطري.. معتاد عدم الحديث مع مرضاه".

Email