حبل الترويض

ت + ت - الحجم الطبيعي

الفيل والرباط

تلك هي الطريقة التي يعتمدها مدربو السيرك، كي يضمنوا أن الفيلة لن تتمرد على الأسر أبداً. أعتقد أن هذه الطريقة تؤتي ثمارها بالنسبة لكثير من الناس كذلك.

عندما تكون الفيلة لا تزال صغيرة للغاية، تقيد بحبل سميك جداً يربط إلى دلو مدفون بقوة في الأرض. وتحاول الفيلة الصغيرة الانعتاق منه مرات عديدة، لكنها لا تكون متملكة ما يكفي من القوة بحيث تحرر نفسها.

بعد عام يكون الدلو والحبل قويان بالقدر الذي يكفي ليبقيا على الفيلة الصغيرة في أسرها.. ذلك بينما تبقى الأخيرة تواصل محاولة تحرير نفسها، لكن بلا طائل. وفي هذه المرحلة، تشرع في إدراك حقيقة أن الحبل سيكون على الدوام متيناً للغاية بالنسبة لها. فتكف عن المحاولة.

وعندما تبلغ الفيلة سن الرشد، تظل متذكرة لوقت طويل، أنها أهدرت طاقتها بلا طائل، محاولة الانعتاق من الأسر، وعندئذ يمكن للمدرب أن يربطها بأي رباط رفيع. ولن تحاول بعد ذلك، أن تحرر نفسها.

الزرافة ووليدها

تلد الزرافة وهي واقفة. وبالتالي، فإن أول شيء يحدث لوليدها، السقوط من ارتفاع مترين تقريباً، إلى الأرض.

يحاول الوليد، وهو لا يزال مترنحاً، النهوض على قوائمه. لكن أمه تتصرف على نحو غريب، فهي ترفسه رفسة خفيفة، فيقع الصغير أرضاً من جديد إلى جانبها، وعندما يحاول النهوض مجدداً، يلقى على الأرض مجدداً بالطريقة نفسها.

يستمر هذا مرات عديدة، إلى أن يعجز الصغير الذي يشعر بالإنهاك عن الوقوف، وفي هذه اللحظة، تدفعه أمه للوقوف مستخدمة حوافرها، ومن ثم لا تلقي به أرضاً من جديد.

وتفسير هذا بسيط، فكي ينجو الصغير من مطارديه، فإن أول درس عليه أن يتعلمه هو أن ينهض بسرعة، وقسوة أمه الظاهرة تجد دعماً كاملاً لها في الحكمة العربية القديمة القائلة: "إنه من الضروري في بعض الأحيان، أن تكون قاسياً لكي تعلم الآخرين شيئاً جيداً".

Email