عندما تحكي الموسيقى

ت + ت - الحجم الطبيعي

 برسبين في أستراليا

ما إن انتهى المؤتمر، حتى غادرت قاعة المحاضرات للتوقيع على نسخ من كتابي. كانت أجواء الأصيل رائعة، والمنظمون وضعوا طاولة التوقيع خارج مبنى المكتبة.

اجتمع الناس، وبدؤوا تجاذب أطراف الحديث. وعلى الرغم من المسافة التي تفصلني عن موطني، إلا أنني لا أشعر بالغربة، وكانت كتبي التي وصلت قبلي قد أظهرت لهم مشاعري وأحاسيسي.

وفجأة، تعبر فتاة في الثانية والعشرين من عمرها الخط الذي يفصلها عن طاولة التوقيع، وتقترب مني، وتقول: «تأخرت عن موعد المحاضرة، لكنني أود أن أقول بعض الأشياء المهمة لك».

فأجبتها: «سيكون ذلك مستحيلاً، يفترض بي أن أقوم بتوقيع الكتاب لأكثر من ساعة من الآن، ومن ثم تناول العشاء».

فردت: «لن يكون ذلك مستحيلاً، اسمي كيري لي أولديتش. وما أود أن أقوله لك يمكن قوله هنا الآن».

وقبل أن أتمكن من إظهار أي انفعال، تتناول كماناً من حقيبة الظهر التي بحوزتها، وتبدأ بالعزف.

أما أنا، فأستمر في توقيع الكتب لساعة أخرى على صوت موسيقى كيري لي. والأشخاص الموجودون في المكان لا يغادرون، بل يبقون هناك لمشاهدة هذا الحفل غير المتوقع، وهم يتأملون غروب الشمس، بعد أن أدركوا ما رغبت في أن تقوله لي، وما كان يقال.

وعندما انتهيت من توقيع الكتب، توقفت عن العزف. لكنني لا أسمع تصفيقاً، بل لا أسمع شيئاً، إلا مجرد سكون محسوس.

أقول لها: «شكراً».

فتجيب كيري لي: «كل شيء في هذه الدنيا هو مسألة تشارك أرواح». وتماماً كما وصلت، غادرت المكان.

هاكوني في اليابان

أسأل ناشري الياباني ماساو ماسودا: كيف تمكن اليابانيون من غزو بعض الأسواق التي كان يهمين عليها الأميركيون.

فيجيبني قائلاً: «ببساطة، عندما تكون لدى الأميركيين فكرة، فإنهم يغلقون على أنفسهم في غرفة البحوث، ويتخذون القرارات.. أما نحن، فلا نريد أن نبرهن على شيء لأحد، لكن ندعو الجميع لإظهار احتياجاتهم ونسعى إلى إيجاد الحلول. والنتيجة العملية، أن الناس يشترون، أخيراً، ما يرغبون به».

ويستنتج قائلا: «وأولئك الذين يرغبون فقط، إظهار أنهم على حق، ينتهي بهم الأمر إلى التصرف الخطأ».

Email