شذرات من يوميات لا وجود لها- 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

 ملبورن في استراليا

سيكون ذلك أهم مسألة لي في مهرجان الكتاب. الساعة العاشرة صباحاً والقاعة ممتلئة، وسيجري جون فلتون (كاتب محلي)، مقابلة معي.

انطلقت إلى المنصة بالتوتر الذي يرافقني على الدوام، وقدمني فلتون إلى الجمهور. وبدأ طرح الأسئلة عليّ، وقبل إنهائي خواطري، قاطعني طارحاً عليّ سؤالاً آخر. وعندما كنت أرد يقول شيئاً من قبيل:" هذه الإجابة لم تكن واضحة للغاية". وبعد خمس دقائق يمكن الشعور بعدم ارتياح في صفوف الجمهور، ويلاحظ الجميع أن هناك شيئاً خاطئاً، فأعود بذاكرتي إلى كونفوشيوس وأفعل الشيء الوحيد الممكن.

أسأله: "هل تحب ما أكتبه؟"

يرد قائلاً:" ليس هذا مهما، فأنا من يجري المقابلة وليس العكس".

أعقب:" إنه أمر مهم، فأنت لا تتركني أختتم خاطرة واحدة. وكونفوشيوس قال: "كن واضحاً عندما يكون ذلك ممكناً، فدعنا نأخذ بهذه النصيحة، ونجعل الأشياء واضحة. هل تحب ما أكتبه؟". فرد:" لا، لا أحب ما تكتبه. قرأت لك كتابين فقط، ولم أحبهما".

تابعت:" ليكن إذا بمقدورنا الاستمرار". وهكذا، الآن (أثناء تلك المقابلة)، تحددت المجالات واسترخى الجمهور وشحن الجو بالكهرباء. وأصبح الحوار نقاشاً حقيقياً ورضي الجميع، بمن فيهم فلتون، عن النتيجة.

ملبورن في استراليا مجدداً

ألتقي الكاتب البريطاني، كون ويلسون، وهو، حالياً، مؤلف طارت شهرته عبر الآفاق. ولما كان يعرف موضوع كتابي الجديد، مضى يتذكر مقتطفاً من كتابه، يسرد فيه محاولته الانتحار وهو في السادسة عشرة من عمره:

"دلفت إلى مخبر الكيمياء في المدرسة، والتقطت زجاجة السم، ووضعت الزجاجة أمامي وحدقت فيها للحظة، ولاحظت لونها وتخيلت مذاقها المحتمل، ثم قربت الحمض من وجهي وشممته، وحينها قفز ذهني إلى المستقبل، وكان بمقدوري الشعور بالحمض وهو يحرق بلعومي، فاتحاً ثغرة في معدتي".

" أقف هنالك للحظات ممسكاً بالزجاجة في يدي، متأملاً إمكانية الاحتضار إلى أن حدثت نفسي قائلاً: إذا كنت شجاعاً بما فيه الكفاية لقتل نفسي على هذه الطريقة المؤلمة، فأنا أيضاً جسور بما فيه الكفاية لأواصل الحياة".

Email