العدل والغرور

ت + ت - الحجم الطبيعي

شراء الملح

جمع أحد الحكماء أصدقاءه لتناول طعام العشاء.. ومضى يسلق قطعة لحم شهية. وفجأة لاحظ أنه لم يعد لديه ملح لإعداد الطعام. فاستدعى ابنه، وقال له: "امض إلى القرية واشتر لنا بعض الملح. لكن احرص على دفع ثمن مناسب له، إلى من تشتريه منه. ولا تقدم أكثر مما يستحق، ولا أقل".

أدهش هذا الكلام الابن، فرد: "أدرك يا أبي أنه لا ينبغي علينا أن ندفع أكثر من قيمة الملح. لكن لم لا نساوم قليلاً، فنوفر بعض المال؟". أجاب الحكيم، باسماً: "ربما يكون هذا مما ينصح به في مدينة كبيرة. لكن في قرية صغيرة كقريتنا، سيلاحظ الجميع الأمر، ويعلم به".

وفي تلك الأثناء، وصلت مجريات الحوار إلى مسامع الضيوف، وأرادوا أن يعرفوا لماذا لا يتعين على المرء أن يشتري الملح بأقل من قيمته. وحيال تساؤلهم، عقب الحكيم: "من يبيعون الملح بأقل من قيمته، يفعلون ذاك لحاجتهم الماسة إلى المال.

والذين يستغلون هذا الموقف، يظهرون عدم احترام لعرق الإنسان، الذي خاض معركة مع الطبيعة، لينتج شيئاً نافعاً للناس". استفسر أحد الضيوف: "ولكن هذا أقل شأناً بكثير من أن يدمر القرية". فعقب الحكيم: "في بداية العالم، كان الظلم محدوداً كذلك. ولكن كل من جاء لاحقاً، أضاف إليه المزيد، معتقداً أن ما يضيفه ليس مهماً. فانظروا إلى أين قادنا ذلك".

 

المخاطبات

يعد إبكتيتوس (55-135 ق م)، من الفلاسفة اليونانيين الذين اشتهروا باندراجهم في المدرسة الرواقية.. وها هنا، مقتطف دال من كتابه "المخاطبات":

"أمران يمكن أن يحدثا عندما نلتقي شخصاً ما: أن نصبح صديقين أو نحاول إقناعه قبول معتقداتنا. والشيء نفسه يحدث عندما تمس قطعة جمر متوهجة، أخرى غيرها: تشاركها نارها أو تختنق وينتهي بها المطاف إلى أن تنطفئ".

ويتابع: "لما كنا عند اللقاء الأول لا نشعر بالأمان، فإننا نحاول إظهار اللامبالاة والصلف أو التواضع المفرط. والنتيجة أننا لا نعوّد أنفسنا. وتبدأ الأمور الاتجاه نحو عالم غريب لا ينتمي إلينا".

Email