خداع النفس

ت + ت - الحجم الطبيعي

تفرض الطبيعة البشرية دوماً، الحكم على الآخرين بقسوة تفوق قسوة المرء في الحكم على نفسه. وعندما تقلب الموائد، فإن المرء يجد عذراً لذاته، عن الخطأ الذي ارتكبه، أو يلقي باللوم على شخص آخر، لما جنته يداه. في ما يلي، قصتان تنتميان إلى تقاليد فكرية مختلفة، حول الطريقة التي يخدع بها الإنسان نفسه.

الثروة في العالم الآخر

كان قس يحب أن يعظ أبناء أبرشيته عن أهمية الفقر، وكان يقول إن الكتاب المقدس يفيد في أن الأغنياء في هذه الدنيا، مكتوب عليهم الفقر في الحياة الآخرة.

وهكذا، كان القس يطلب، دوما، المزيد والمزيد من المال، من الذين يستمعون إلى عظاته.

وذات يوم، طلب منه أحد الأشخاص- الذين كانوا يداومون إلى الاستماع لعظاته ـ أن يقابله بعد انتهاء عظته، وما أن انفردا معا، حتى قال الرجل:" هل صحيح أن الفقير في هذه الدنيا، سيكون غنيا في الآخرة؟". فرد القس مؤكدا: "بالطبع" أضاف الرجل:" حسنا، إن الكنيسة غنية وأنا فقير. وأحتاج إلى عشر قطع ذهبية، وعندما أصبح غنيا في الآخرة، سأسدد ديني".

مضى القس بلا تردد للخزانة، والتقط القطع الذهبية العشر منها، لكنه سأل الرجل، قبل أن يدفع بها إليه: "ما الذي تعتزم فعله بهذا المال؟".

فأجابه:" سأمارس التجارة". وهنا، بادر القس إلى إعادة القطع الذهبية إلى الخزانة. وعقب: "يبدو عليك بوضوح أنك رجل بارع، لذا ستعمل بجد وتكسب نقودا كثيرة. وسينتهي بك المطاف لتكون غنيا. وستصبح فقيرا بعد موتك، ولن يكون لديك مال تسدد به دينك. وهكذا فإني أفضل ترك الأمور على حالها".

الذئب وشيفا

كان ذئب يجوب أرجاء الغابة، عندما صادف معبدا لشيفا. فحدث نفسه: " كنت أصطاد طوال اليوم، ولم أفلح في اقتناص شيء.. ربما يتعين علي التزام الصمت".

وما لم يعرفه، أن شيفا كان يراقبه، وليختبر إخلاصه، حوّل نفسه خروفا، وظهر أمام المعبد. فترك الذئب تأملاته ووثب ليقتنصه. لكنه فشل. فعاد لتأملاته وهو يعزي نفسه: " أنا حيوان مخلص، ولهذا واصلت صومي".

Email