في طريق كومانو 02

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحطاب والهولة - في نزل ضائع في الجبل، أقبلت سيدة يدعوها الناس بالهولة الأنثى، لترحب بنا، بينما ارتدت كيمونو أسود. خلعت نعلي وولجت الغرفة اليابانية التقليدية، واكتشفت أنه لن يقدر لي قط، أن أغفو في مثل هذا المكان البارد. فطلبت من المترجمة أن تسألها عن ما إذا كانت هناك مدفأة. أجابت السيدة، إنني بحاجة للتعود على "ألشوغندو".

عقبت متسائلاً: "الشوغندو؟". ولكن المرأة كانت قد اختفت بالفعل، بعد أن لفتت أنظارنا إلى أننا سنتناول طعام العشاء قريباً. وفي غضون أقل من خمس دقائق، كنا نجلس أمام نار أشعلت في مساحة محفورة من الأرض، وتدلى إبريق كبير من السقف ووضعت حوله عدة أسماك. ولم يمض وقت طويل قبل وصول مرشدتي كتسورا مع الحطاب. فقالت مشيرة إلى رفيقها: "إنه يعرف كل شيء عن الطريق. فسله عما تريد".

شربنا الساكي. وأكلنا السمك المطهو على النار. وشاركتنا مالكة النزل. فسألتها لماذا يدعوها الناس بـ"الهولة الأنثى"؟ ردت: "لأنه ما من أحد يعرف أين ولدت، أو من أين جئت، أو ما هو سني. قررت أن أكون امرأة بلا تاريخ، فالماضي لم يجلب لي إلا الألم...".

شربنا المزيد من الساكي. وسألت الحطاب: "لماذا يجيء الناس إلى كومانو؟"، فرد: "للالتزام بتعهد أو للوفاء بقسم.. اعتاد البوذيون الارتحال عبر 99 مكاناً مقدساً، منتشرة هنا.. وينتهي بهم الأمر إلى إدراك أنهم ليسوا وحدهم في هذه الدنيا، وهم يمارسون الشوغنتو".

تذكرت ما كانت الهولة الأنثى قد أبلغتني به، فطلبت منه أن يوضح لي ما المقصود بالشوغندو. قال الحطاب: "من الصعب توضيح الشوغندو، ولكن دعنا نقل إنه علاقة كلية بالطبيعة، علاقة قوامها الحب والآلام.. الإنسان يتعين عليه أن يعرف الطبيعة بكل جوانبها، في كرمها وقسوتها، وبهذه الطريقة، تعلمنا ما تعرفه، وليس ما نريد أن نتعلمه فحسب".

بينما جلست قبالة النار في نزل ضائع في وسط اليابان، والساكي يبقي على المسافات، أدركت حقيقة كلمات الحطاب. وفي تلك اللحظة قررت أن أجد طريقة لممارسة الشوغندو في طريق كومانو (يتبع).

Email