عمل عملاق يحكي قصة سبارتاكوس الثائر التاريخي، ويجمع فن الموسيقى والباليه، في واحد من أفضل إبداعات المؤلف الأرمني السوفييتي الكبير أرام خاتشادوريان الذي نجح في تقديم عمل فريد يتميز بالجاذبية الجماهيرية وبصور جمالية لا تنسى، ومشاهد جماعية رائعة للراقصين، ولحنية تجمع بين سمات اللحنية الأوروبية المنكهة برائحة الشرق القوية..
وبناء سيمفوني ضخم يظهر فيه تفهم خاتشادوريان للهندسة الدرامية للقصة الأدبية والقصة من المفهوم الدرامي لفن الرقص وإيضاحه بقوة للمستمع، فكرة اللحن الدال عن الشخصيات أو الأحداث. قدم أرام خاتشادوريان هذا الباليه المأخوذ عن رواية للكاتب الإيطالي رافيللو جيوفانيللي (سبارتاكوس)، للمرة الأولى عام 1956 في مدينة ليننغراد السوفييتية (سان بطرسبرغ - روسيا)..
وحققت نجاحاً معقولاً. ولكن النجاح العالمي الكبير المدوي كان في عام 1968 حين أعيدت صياغتها الراقصة من قبل المصمم العبقري إيغور غريغورفيتش، لتصبح أحد أشهر أعمال الباليه التي تعرض في كل العالم.
مؤلف الشاعرية
ولد أرام خاتشادوريان في مدينة تيبليسي عاصمة جورجيا عام 1903. وظهرت الموسيقية الكبيرة منذ الصغر، وأعجب كثيراً بالإرث الفني الغني والمتنوع للمنطقة، ما زاد اهتمامه بالتأليف فبدأ دراسة التأليف بشكل جدي في موسكو عام 1925. ثم تخرج في كونسرفتوار موسكو عام 1934. وكتب في عام 1937 عملاً كبيراً شهيراً هو (باليه السعادة) وما لبث أن غير اسم العمل هذا ليصبح (غاينيه).
ثم كتب كونشرتو جميلاً للكمان يتميز بالشاعرية اللحنية الجياشة عام 1940، ونال عنه جائزة ستالين. أما أكثر أعماله شهرة فهو باليه سبارتاكوس التي نال عنه جائزة لينين عام 1958. وهو توفي عام 1978.
الفصل الأول: الغزو
شنت الآلة العسكرية للإمبراطورية الرومانية عدواناً همجياً على تراقيا القديمة، بقيادة كراسوس المتجبر القاسي الذي يظهر على المسرح تحت أنغام إيقاعية قوية، مزهواً بانتصاره وبجبروت جيشه الذي يدمر كل شيء يقف في طريقه، وجروا وراءهم الكثير من الأسرى، من ضمنهم البطل التراقي النبيل سبارتاكوس وزوجته فريجيا.
سوق العبيد في روما
يعلو صراخ وضربات أسواط تجار الرقيق السوق، لفرز العبيد من النساء والرجال، من أجل زبائنهم من الرومان الأغنياء. وبالفعل، يباع سبارتاكوس وفريجيا كل منهما إلى مالك مختلف.
تحت أنظار أغنياء روما وقائدهم كراسوس المكلل بالنصر وعشيقته إيجينيا، يظهر المهرجون والمحظيات للرقص أمام أسيادهم. ومن ثم يبدؤون بالسخرية والتهكم على فريجيا العبدة الجديدة المذعورة. يرقص كراسوس وعشيقته إيجينيا الواقعين تحت تأثير السكر (رقصة السكارى)، فيزداد كراسوس عجرفة وجنوناً تحت تأثير الخمر..
فيأمر أن يأتي المصارعون العبيد للمنازلة، حتى موت أحدهم، وهم يعتمرون أقنعة من دون فتحات للعيون بحيث لا يستطيع أحدهم معرفة الآخر. ويبدأ النزال بين مصارعين قويين يحاول كل منهما البقاء على قيد الحياة لجهلهم هوية المنافس، فينتصر سبارتاكوس الذي ينتزع الخوذة عن رأس منافسه فيكتشف أنه قتل صديقه المقرب.
فيشرع برقصة تعبر عن مكنوناته الداخلية وتظهر يأسه وحزنه الذي يتحول إلى غضب وحنق على كراسوس والرومان الذين استعبدوه هو وكل أصدقائه، وجعلوه يقتل أعز أصدقائه ويقرر أنه لن يبقى في الأسر وسيفوز بحريته من جديد. فيعود إلى ثكنة المصارعين ويحرضهم على التمرد والتخلص من العبودية فيعاهدونه على الوفاء والقتال معاً لاستعادة حريتهم الغالية.
الفصل الثاني: مبايعة سبارتاكوس
بعد هروب سبارتاكوس ومناصريه من الأسر، وجدوا نفسهم في منطقة إيبيا محاطين بالرعاة والمزارعين، فأخذوا يحرضونهم ضد الرومان المستبدين الذين يسلبونهم خيراتهم وكرامتهم. وبذا يلتحق الرعاة والفلاحون المقهورون بالمصارعين الفارين. ويلتفون تحت راية الحرية ويرفعون سيوفهم معلنين الحرب ضد الرومان والولاء لسبارتاكوس.
شغف الأحبة
بعدها، يبدأ مونولوج سبارتاكوس الداخلي الذي يعاني بشدة لفقدان زوجته، وفكرة عبوديتها تفقده صوابه وتمنعه من النوم. ولكنه يسري عن نفسه بذكرياته مع محبوبته الوحيدة.
ذكرياته تحثه على البحث عنها إلى أن يجدها في قصر كراسوس حيث يلتقي الحبيبان تحت أنغام شديدة الغنائية الآلية، مليئة بالشغف. يختبئان بعدها لأن أتباع إيجينيا أتوا برفقة سيدتهم التي تحاول بالإغراء والتحايل للظفر بقلب كراسوس لتدخل طبقة النبلاء في روما.
عشاء الانتصار
يجتمع في قصر كراسوس نبلاء روما وسادتها للاحتفال بانتصارات كراسوس الذي يرقص بعنجهية وغرور شديدين، عارضاً ما كسبه من كنوز خلال غزواته. لكن فجأة، تأتيه أنباء أن سبارتاكوس وأتباعه يدهمون القصر للاستيلاء عليه. فيضطر كراسوس وإيجينيا والنبلاء والجنود إلى الهرب. فيدخل سبارتاكوس والمصارعون القصر سعداء بالانتصار.
يقع كراسوس في الأسر ويأتي به المصارعون إلى سبارتاكوس الذي يعرض عليه مبارزة شريفة لقاء إطلاق سراحه. يتبارز الاثنان على خلفية موسيقى صاخبة إيقاعية. فيتبادل كراسوس وسبارتاكوس الضربات إلى أن يسقط السيف من يد كراسوس. فيأمر سبارتاكوس بإطلاق سراحه ليروي قصة إذلاله وهزيمته على يد سبارتاكوس والمصارعين الذين يحتفلون بانتصارهم على جيش كراسوس.
الفصل الثالث: مكيدة إيجينيا
يبدأ خاتشادوريان بموسيقى تعكس معاناة كراسوس الشديدة ويأسه بسبب الهزيمة المذلة التي ألحقت به. ولكن إيجينيا تحاول رفع معنوياته وحثه على الثأر من سبارتاكوس وجنوده. ولكنه يدفعها بعيداً إلا أنها لا تيأس. وتحاول مجدداً إلى أن تنجح فيبدأ بدعوة جيشه إلى القتال مجدداً.
وهكذا هم يجددون له العهد ويذهبون إلى معركة الثأر وتودعهم إيجينيا التي باتت تعد سبارتاكوس عدواً شخصياً، لأن موت كراسوس يعني موتها أيضاً. فتضع خطة للتسلل لإحداث شقاق داخل مخيم سبارتاكوس.
في المخيم ترقص فريجيا سعيدة برجوعها إلى زوجها الحبيب الذي ما يلبث أن انضم إليها في أجمل لوحات هذا العمل وأجمل ألحانه. وفجأة تأتي الأنباء بأن كراسوس قادم برفقة جيش جرار للثأر.
فيحث سبارتاكوس رفاقه لخوض المعركة. لكن بعض قادة جيشه يظهرون التخاذل والضعف ويغادرون قائدهم الذي بدأ يشعر باقتراب النهاية المأساوية. لكنه يعلن أن الحرية فوق كل شيء وأنه مستعد لبذل حياته فداء لحريته.
محظيات كراسوس
تتمكن إيجينيا ومحظيات كراسوس من التسلل إلى مخيم سبارتاكوس. ويحاولن إغواء جنود سبارتاكوس حتى يتسنى لجنود كراسوس الدخول إلى مخيم سبارتاكوس ومباغتتهم، وبالفعل ينجح هجوم كراسوس الذي لا يكتفي بهذا الانتصار. ويرقص رقصة النصر تحت ضجيج الآلات النحاسية والآلات الإيقاعية. لكن هذا النصر لا يكفيه فهو يريد القضاء نهائياً على سبارتاكوس الذي أذله في المعركة السابقة.
المعركة الأخيرة
تطوق القوات الرومانية آخر الفرق الصامدة من جيش الثوار المصارعين. ثم تبدأ معركة غير متكافئة يدافع فيها سبارتاكوس ورفاقه عن حريتهم حتى أنفاسهم الأخيرة. وتصلب أجسادهم إمعاناً في إهانة ذكراهم وليكونوا عبرة للآخرين.
مرثية بطل
ترقص فريجيا أمام جثة زوجها البطل كأنها تبكيه بحرقة وتفجع، وتعلن أن ذكراه ستظل خالدة كخلود الحرية الغالية، فيما تتعالى أصوات الأوركسترا مؤكدة انتصار الحرية. ويسدل الستار.
1968
وظف المخرج تيرنس يونغ موسيقى سبارتاكوس في فيلمه (ميرلنغ) من بطولة عمر الشريف.
1962
فيلم المخرج الروسي سيرجي غيراسيموف (أناس وحيونات)، استعملت فيه موسيقى سبارتاكوس بصورة مثيرة للحنين والشوق.
1994
مخرجا الفيلم الكوميدي الجميل (القفزة الكبيرة): غول وإيثان كوين، وجدا في موسيقى باليه (سبارتاكوس)، أداة تعبيرية فريدة.
1882
لوحة الرسام الألماني هرمان فوغل
(موت سبارتاكوس).
1834
جسد الرسام الفرنسي أوغست بلانشار شخصية سبارتاكوس في لوحته الأكثر شهرة (المنقذ).



