بدأ أمس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارة إلى
المملكة المتحدة، تستمر يومين، وهي الزيارة الثانية له رئيساً في البيت الأبيض، تحيط بها أجواء متناقضة بين الاحتفاء الرسمي والغضب الشعبي.
ففي الوقت الذي يستقبله الملك تشارلز الثالث ورئيس الوزراء كير ستارمر بمراسم بروتوكولية رفيعة في وندسور وتشكرز مقر رئيس الوزراء الصيفي، تملأ شوارع لندن تظاهرات رافضة للزيارة ومنددة بسياسات ترامب الخارجية.
واستقبل الملك تشارلز ترامب في ثاني زيارة دولة يقوم بها لبريطانيا بعد زيارته في الولاية الأولى، وسط مظاهر احتفالية غير مسبوقة وإجراءات أمنية مكثفة واحتجاجات مزمعة.
ووصل
ترامب وزوجته ميلانيا إلى قلعة وندسور، أقدم وأكبر قلعة مأهولة في العالم، وموطن العائلة المالكة البريطانية منذ ما يقرب من 1000 عام، حيث شمل عرض الاستقبال الملكي في القلعة موكب عربات ملكية على بساط أحمر وتحية عسكرية ومأدبة فاخرة.
وعند وصول ترامب، أبلغ الصحفيين أنه يحب بريطانيا. وقال «إنها مكان مميز للغاية». وانطلقت المسيرة الرسمية باستقبال ترامب بإطلاق طلقات تحية من ستة مدافع تعود إلى فترة الحرب العالمية الأولى.
وعزف النشيدان الوطنيان لبريطانيا والولايات المتحدة. ترامب وأفراد العائلة المالكة ركبوا معاً في عربة على طول قصر وندسور، بحضور حرس الشرف من سلاح الجو الملكي.
ووفقاً لمحللين بريطانيين، فإن الركوب المشترك في العربة يعتبر شرفاً استثنائياً - كما يتيح للملك ولترامب فرصة للحديث على انفراد. وتقول بريطانيا إنها كانت أكبر مراسم استقبال عسكرية لزيارة دولة في الذاكرة الحية.
وعرض أفراد العائلة المالكة على الرئيس والسيدة الأولى مقتنيات تاريخية من المجموعة الملكية المتعلقة بالولايات المتحدة، قبل أن يزور ترامب وزوجته كنيسة القديس جورج، المثوى الأخير للملكة إليزابيث، التي استضافت ترامب في أول زيارة رسمية له في عام 2019، حيث وضع إكليلاً من الزهور على قبرها.
إلى جانب الطقوس، سجل حضور احتجاجي بارز في المدينة. تم اعتقال ما لا يقل عن أربعة متظاهرين بعد أن عرضوا صوراً مرتبطة بقضية جيفري إبستين على قلعة ويندسور.
وامتلأت الشوارع المحيطة بالقلعة بجمهور فضولي، وإلى جانب أعلام المملكة رفعت أيضاً أعلام إسرائيل - تذكير بأن خلف الحدث الاحتفالي، تستمر الديناميكية العالمية والأزمات الدولية في فرض أجوائها .
- فيما تجمع نحو 100 متظاهر على جانبي الشوارع خارج قلعة وندسور، مرددين شعارات ضد الزيارة، ورافعين لافتات مكتوب عليها «أوقفوا الكراهية، أوقفوا ترامب» و«الكراهية لم تصنع أمة عظيمة قط».
وأثمرت الزيارة بالفعل عن اتفاق تكنولوجي جديد بين البلدين مع شركات تمتد من مايكروسوفت إلى إنفيديا وجوجل وأوبن إيه آي التي تعهدت باستثمارات في بريطانيا بقيمة
31 مليار جنيه استرليني (42 مليار دولار) على مدى السنوات القليلة المقبلة، في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والطاقة النووية المدنية.
وذكر البيان الرسمي أن اتفاق «الازدهار التكنولوجي» يهدف إلى تسريع أبحاث الذكاء الاصطناعي لتطوير أدوية جديدة وعلاجات أسرع ورعاية أفضل لمرضى السرطان.
إضافة إلى دعم مشروعات الطاقة النووية المدنية. لكن المنتقدين حذروا من اعتماد بريطانيا المتزايد على الولايات المتحدة والتكنولوجيا الأمريكية لما قد يترتب عليه من عواقب.
وذكرت «بوليتيكو» الأمريكية نقلاً عن غايا ماركوس من معهد «آدا لوفليس» المستقل للأبحاث «يجب ألا نركز فقط على الأرقام الحالية إذا كان ثمنها غداً سيكون التقييد التكنولوجي، ما يحد من قدرتنا على البحث عن بدائل في المستقبل».
كما حذرت تشي أونورا، رئيسة لجنة العلوم والابتكار والتكنولوجيا في مجلس العموم البريطاني، قائلة: «السيادة التكنولوجية الحقيقية لا يمكن أن تعني الاعتماد على مستثمر أو دولة واحدة».