الشراكات بين أصحاب المصلحة من النظرية إلى الواقع

ت + ت - الحجم الطبيعي

يستمر عدد سكان العالم بالازدياد على نحو متواصل، يرافقه اتساع الهوة بين الفئات المحرومة من الحصول على الاحتياجات الأساسية في الحياة كالتعليم والنظافة وبين الأشخاص الذين يتمتعون بهذه الاحتياجات بشكل دائم، ما يؤثر سلباً على البيئة التي نعيش فيها.

وبما أنني أشرف على خدمة الملايين من عملاء بروكتر آند جامبل – عبر منطقتي آسيا والمحيط الهادئ (APAC) والهند والشرق الأوسط وأفريقيا (IMEA)، لاحظت بأن الفجوة بين هاتين المنطقتين الديناميكيتين في اتساع مستمر.

نحن جميعاً نتشارك المصلحة ذاتها، ونمتلك القدرة لإحداث فرق في حياة الكثير من الناس، وذلك عبر تمكينهم من الوصول إلى الاحتياجات الإنسانية الأساسية وحماية البيئة والحفاظ على استدامتها للأجيال القادمة، الأمر الذي يتصدر قائمة أولويات الحكومات والقطاعات الاقتصادية والمنظمات غير الحكومية والمستهلكين. ونحن نعتقد بأن أصحاب المصلحة لن يتمكنوا من مواجهة هذه التحديات العالمية دون التعاون وإقامة الشراكات على نحو استثنائي لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (UNSDGs).

ورغم كل ما سبق، تبقى فعالية الشراكات القائمة بين أصحاب المصلحة متوسطة المستوى في أحسن الأحوال، كما تميل للانخفاض على المدى الطويل.

وفي رأيي، فإن هذا الواقع يعود لسببين رئيسيين الأول التوقعات غير الواقعية، فمن المتوقع أن تحل شراكات أصحاب المصلحة محل البرامج الحكومية عوضاً عن دعمها، حيث تكشف الدراسات المتعددة عن وجود تناقضات قائمة بين مخرجات هذه الشراكات والأهداف والطموحات المحددة سابقاً.

أما السبب الثاني فتحديد غير واضح للأدوار ناتج عن التطابق غير الدقيق بين مهام القطاعات والحكومات والمنظمات غير الحكومية، الأمر الذي يخلق تحديات يجب مواجهتها لتحقيق الأهداف المرجوة. ويتجلى ذلك في تعهيد مسؤولية إيجاد الحلول على عاتق فريق واحد من أصحاب المصلحة والذي لا يتمتع بالأهلية والكفاءة التي تمكنه من مواجهة التحديات القائمة على النحو الأمثل.

وعلى الرغم من هذا الواقع، إلا أن المستقبل لا يزال واعداً.

أعتقد قطعاً بأن التعاون العملي والوثيق بين أصحاب المصلحة يشكل مصدر قوة لنشر الخير عبر العالم، حيث أقدم فيما يلي التوصيات الخاصة بخلق شراكات مثالية مستدامة من خلال رؤية مشتركة مع إجراءات فريدة من نوعها

ويتم العمل حالياً على إطلاق منشأة جديدة في مدينة داغوبان، حيث سيتم الاستفادة من برنامج بروكتر آند جامبل W2W المدعوم من منظمة SURE Global لتحويل النفايات الصلبة إلى وقود الديزل وغاز الميثان.

ويتجسد المثال الآخر في إنشاء مرفق لإعادة تدوير منتجات النظافة الماصة والذي تم الإعلان عنه مؤخراً في الهند، بحيث يتم استثمار تقنية جديدة تم تطويرها في إيطاليا من قبل شركة فاتر، في إطار مشروع مشترك بين بروكتر آند جامبل ومجموعة آنجيليني جروب. ويتم في إطار هذه المبادرة المبتكرة تدوير الفوط الصحية والحفاضات، بالشراكة مع البلديات والمنظمات غير الحكومية في الهند والتي تقوم بتجميع النفايات من المستهلكين.

وتهدف هذه التوصيات إلى إلهام أصحاب المصلحة للانخراط في شراكات متعددة تهدف إلى تعزيز حياة البشر وتطوير المجتمعات في البيئات الأقل حظاً، لإحداث فرق إيجابي.

وبرأيي، فإن كل ما سبق يؤكد بأن شراكات أصحاب المصلحة ليست مجرد «نظرية» بل هي حقيقة ذات نتائج ملموسة ومستدامة.

* رئيس بروكتر آند جامبل في آسيا والمحيط الهادئ والهند والشرق الأوسط وأفريقيا

Email