الابتكار في العلوم يساعد على علاج الأمراض النادرة في الشرق الأوسط

ت + ت - الحجم الطبيعي

يُعرّف المرض النادر، أو ما يشار إليه أحياناً بالمرض اليتيم، بأنه أي حالة طبية تؤثر على نسبة صغيرة فقط من مجموع السكان. ووفقاً لجمعية الأمراض النادرة في المملكة المتحدة، يُقدّر أن شخصاً واحداً من كل 17 شخصاً (أي سبعة بالمئة من مجموع السكان) سوف يصاب بمرض نادر في مرحلة ما من حياته.

وقد صنّفت العلوم الطبية حالياً 8000 مرض نادر، مع وجود خمسة أمراض نادرة جديدة تقريباً يتم ذكرها في المراجع والمنشورات الطبية كل أسبوع. كما أن 8% من الأمراض النادرة وراثية، ومن ناحية أخرى نجد أن حوالى 75% من نسبة السكان المصابين بأمراض نادرة هم من الأطفال، وهو رقم مقلق خاصة وأن 30% منهم يُتوفون قبل أن يبلغوا سن الخامسة.

إن التعامل مع الأمراض النادرة وإيجاد حلول ناجعة للوقاية أو للعلاج عملية تحتاج إلى وقت كبير وتتطلب تضافر جهود الخبراء والمتخصصين وإجراء بحوث معمّقة تحتاج غالباً إلى الخوض في المجهول والثقة في الاستثمار في الدراسات العلمية. كما أن للابتكار دورا مهما لأنه يتطلب أن تكون العلوم أكثر إبداعاً وأن تستخدم أحدث الوسائل والأدوات المتوفرة للاضطلاع برؤى مفيدة حول الأمراض النادرة وطرق التغلب عليها.

ويسهم مجمع دبي للعلوم في مكافحة الأمراض النادرة بفضل مكانته البارزة كأول مجمع علمي يوفر الخبرات، والأبحاث والتطوير، ومنشآت البحوث المتطورة في موقع واحد.

وفي هذا السياق، لا بدّ لنا أن نجمع العلماء بالشركات والمؤسسات التي من شأنها أن تمكّنهم من تعزيز قدراتهم وإحراز أفضل النتائج والاكتشافات العلمية الممكنة. إن المجمعات المركزة على قطاعات معينة، كمجمع دبي للعلوم، والتي تقوم باستقطاب المهنيين والخبراء وتسهّل تعاونهم لتحقيق المنفعة الأسمى للقطاع والدولة والعالم أجمع هي التي ستتمكن من إحداث فرق حقيقي في مجال مكافحة الأمراض النادرة.

وبفضل موقعها الاستراتيجي على مفترق الطرق بين مختلف البلدان في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، تعتبر إمارة دبي مركزاً جذاباً للآلاف من المتخصصين والمهنيين من جميع أنحاء العالم. لقد نجحت المدينة في الدمج بين العديد من المدارس الفكرية، وهي تبذل كافة الجهود للارتقاء بعملية الابتكار العلمي. وستكون بعض الحلول التي تم إنتاجها داخل المدينة قادرة على معالجة الأمراض النادرة وتحسين حياة الناس في الإمارات والمنطقة ككل.

وفي هذا الإطار قمنا بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة «سانوفي» العالمية الرائدة في قطاع الرعاية الصحية لنشر الوعي حول الأمراض النادرة في الشرق الأوسط وتقييم أثرها على سكان الإمارات.

ونعمل أيضاً على بناء شبكة اتصال فعالة بين أبرز الجهات المتخصصة والأطراف المعنية المركزة على قطاع الأمراض النادرة، ولا شك بأن هذه الجهود ستساعدنا على تعزيز قدراتنا المعرفية والتقنية من خلال مشاركة أفضل الممارسات ودراسات الحالة.

إننا نستقي هذه الجهود جميعها انطلاقاً من التزامنا بخطة دبي 2021 واستراتيجية دبي الصناعية 2030 والاستراتيجية الوطنية للابتكار في الإمارات التي تدعونا إلى توفير بيئة داعمة ومثالية لشركات علوم الحياة في الدولة.

وإن ما يقدمه مجمع دبي للعلوم من المساحات المكتبية والمختبرات الحديثة والمتطورة ومنشآت التخزين التي تلبي متطلبات الشركات والمهنيين في القطاع العلمي وتساعد على تحقيق إنجازات في الأبحاث العلمية، قد أسهم في استقطاب 350 شركة ومؤسسة علمية تركز حالياً على الإنتاج العلمي المتقدم داخل المجمّع.

لكن ما سبق ليس إلا البداية، إذ يكمن هدفنا كمجمع علمي في مساعدة مجتمعنا على النمو والتوسع وتحقيق الفائدة للعالم أجمع. ونأمل أن نتبع منهجاً متعدد التخصصات لتغطية مختلف النواحي الحياتية المتأثرة بهذه الأمراض والحالات الطبية النادرة، سواء أكان ذلك عبر تأمين بيئة داعمة للأبحاث العلمية أم عبر مبادرات نشر الوعي وتثقيف المجتمعات بالتعاون مع شركائنا.

وفي كتيّب نشرته جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية بمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة، تم تسليط الضوء على حالة «شفاء» وهي فتاة إماراتية بسنّ 11 ربيعاً تعاني من حالة طبية نادرة تُدعى ارتفاع الحمض البروبيوني. يصيب هذا المرض النادر شخصاً واحداً من كل 75000 شخص حول العالم، ويُعرف بأنه منتشر بشكل أكبر في منطقة شبه الجزيرة العربية.

مع تضافر جهود كافة الأطراف المعنية في المنطقة، سنكون واثقين في مجمع دبي للعلوم بضمان مستقبل صحي أفضل لأجيال المستقبل مثل الطفلة «شفاء» وذلك من خلال تعزيز الابتكار العلمي والاكتشافات الطبية. وإننا ملتزمون بالعمل دوماً مع شركائنا على تخفيف آلام أولئك المصابين بالأمراض النادرة وأحبائهم، وألا نسمح بأن تصبح قصصهم طيّ النسيان.

 

Email