حين يأتي الحديث عن وضع المرأة في الإمارات، تفرض المقارنة نفسها بين وضعها ووضع عموم النساء في باقي المجتمعات العربية وكذلك الأجنبية، والغربية، التي تفاخر بما تتمتع به النساء من حقوق وامتيازات.
ولاشك أن هناك من ينظر إلى وضع المرأة الإماراتية بالغيرة وآخر بالتشكيك. ولا يغيب عن البال لحظة؛ أن ما وصلت إليه المرأة في الإمارات، إنما هو حصيلة نظرة بعيدة، وحلم حُمل على جهود حقيقية دؤوبة منذ البداية، علماً أن البدايات ليست سهلة في الغالب، ولكن حين توجد نماذج مؤمنة بدورها في تأمين حقوق الآخرين، فتلتزم بالسعي إلى تحقيقها، فإنها تذلل العقبات، وتحقق المعجزات.
حصاد
ما وصلت إليه اليوم المرأة في الإمارات إنما هو حصاد زُرعت بذوره في أول جمعية نسائية، وبها يعود المرء، إلى الثامن من فبراير من عام 1973م وهو يوم لن تنساه المرأة، لكونه شهد ميلاد وبداية مسيرة الحركة النسائية في دولة الإمارات، بإطلاق.. جمعية نهضة المرأة الظبيانية لتكون أول تجمع نسائي على هذه الأرض الطيبة برئاسة أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك.
لقد تحقق ذلك الحلم بتشجيع المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي أعلن ترحيبه بالنشاط النسائي من أجل نهضة الدولة الفتية.
في البداية لم يكن الأمر هيناً، فقد بذلت سمو الشيخة فاطمة أقصى جهد من أجل انطلاق مسيرة العمل النسائي، ومضت في الطريق، مؤكدة أن دورها مثل دور أي مواطنة على أرض هذا الوطن.
وعندما تقدمت سموها بفكرة تأسيس أول تجمع نسائي في اتحاد دولة الإمارات، وافق المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على الفور.. فكان الثامن من فبراير عام 1973م مولد هذا التجمع في أبوظبي. ومنذ ذلك التاريخ؛ حملت جمعية نهضة المرأة الظبيانية على عاتقها تحقيق الأهداف وأولها.. النهوض بالمرأة روحياً وثقافياً واجتماعياً، وثانيها.. تشجيع إلزامية التعليم للإناث ومحو الأمية بين الراشدات. وفتح فصول مسائية لرفع المستوى التعليمي للمرأة، وإعداد وتنفيذ الأنشطة الثقافية لرفع المستوى الثقافي للمرأة في شتى المجالات، وإرشاد وتوعية المرأة بوسائل الحفاظ على أسرتها، والاهتمام بها وفقاً لتعاليم الدين الإسلامي. وسادساً.. تشجيع إنشاء دور الحضانة ورياض الأطفال.
الجهود النسائية
ومع انطلاق مسيرة العمل النسائي في أبوظبي، كان طبيعياً أن ترنو عيون السيدات في الإمارات الشمالية إلى المكاسب التي حققتها جمعية النهضة في أبوظبي.. فانطلقت مسيرة أخرى، وتأسست خمس جمعيات نسائية في الإمارات الشمالية، كلها تحذو حذو جمعية النهضة وتسترشد بخطواتها، وتعمل من أجل تحقيق أهدافها المشتركة لرفع شأن المرأة ومكانتها والنهوض بها.
وخلال فترة وجيزة استطاعت سمو الشيخة فاطمة رئيسة جمعية نهضة المرأة الظبيانية أن تربط الخيوط وتمد جسور التعاون بين الجمعية ومثيلاتها في الإمارات الشمالية، يحدوها حلم كبير في أن تجمع كل الجهود النسائية في إطار اتحاد نسائي يشمل كل نساء الإمارات، من أجل أن تمتد أنشطة المرأة لكل أرجاء الدولة، وللاستفادة من الخبرات والكفاءات النسائية في العمل لصالح الأسرة والمجتمع.
وبالفعل بدأت مساعيها مع شقيقاتها وأخواتها عضوات الجمعيات النسائية في الإمارات الشمالية لتوحيد المسيرة، والعمل من أجل نهضة المرأة في شتى أرجاء هذه الأرض الطيبة.
وبفضل رعاية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد ومباركته فكرة الاتحاد النسائي خرج إلى الوجود وشهد النور.. وكان يوم السابع والعشرين من أغسطس عام 1975م يوماً تاريخياً للمرأة في دولة الإمارات عندما أعلن عن قيام الاتحاد النسائي العام. ففي هذا اليوم تم إشهار وتسجيل أول اتحاد نسائي في الدولة. وتبرع رحمه الله بإقامة مقر دائم للاتحاد في أبوظبي كما تبرع بإقامة مقر لكل جمعية نسائية في الدولة على نفقته الخاصة.
تأكيد الدعم الرسمي
هذا الدعم مكن المرأة من تعزيز موقعها داخل المجتمع، كما ساعدها من خلال الاتحاد النسائي على تطوير تجاربها مع منظمات إقليمية ودولية، والمشاركة الإيجابية لوفد الدولة في مؤتمر المرأة العالمي الذي عقد في بكين في صيف عام 1995م، وتعد تلك المشاركة أحد أهم العلامات التي أكدت أهمية الدعم الرسمي المبكر للمرأة في دولة الإمارات. إضافة لمشاركتها في لجنة الأمم المتحدة التنسيقية للمرأة، واقتراحها (الاسكوا) لتبني مشروع "الأسرة العربية"، من خلال برنامج إقليمي يهدف إلى (حماية الأسرة العربية وتأمين احتياجاتها). وعليه فإن ما تتمتع به المرأة الإماراتية اليوم ليس وليد المصادفة، بل هو نتيجة جهود التمكين الرسمية المخلصة، وهي أسس ارتكزت عليها مكانة المرأة الإماراتية التي يراها العالم اليوم.
