تخلت الأندية الفرنسية عن تراثها الكروي العريق وتنكرت لتقاليدها التكتيكية أمام سلطة الأسلوب الهجومي لبرشلونة الإسباني وباتت تتهافت على تقليده. أندية كثيرة في فرنسا بدأت تتجرد من هويتها و تلبس رداء البلوغرانا الأزرق و الأحمر وتتشبع من روح غوارديولا بحثا عن العروض الهجومية والأهداف.
و في الواقع فان أندية أخرى عديدة في العالم باتت تقلد برشلونة في أسلوبه ولعل أبرزها نادي ملقة وكذلك أتلتيك بيلباو الذي يدربه بيلسا وهو ما جعله اليوم يكون المرشح الأقوى لتدريب البارسا انطلاقا من الصيف المقبل. كما حاول الايطالي روبيرتو مانشيني أيضا أن يضفي مسحة كاتالونية على مانشستر سيتي وتجلى ذلك خصوصا في بداية الموسم الحالي عندما بالغ السماوي في الإعتماد على التمريرات القصيرة و السيطرة على وسط الميدان واحتكار الكرة.
ويعتقد الكثير من خبراء الكرة الفرنسية أنه حان الوقت للتغيير والقطع مع أساليب الماضي التي تجاوزها الزمن وجعلت الدوري الفرنسي يبقى بعيدا عن مستويات الليغا والبريمرليغ والبندسليغا. و يستدل الفنيون بالإحصائيات التي تبين أن عدد الأهداف في الدوري الفرنسي الأقل من بين كل الدوريات الأوروبية حيث تقدر نسبة الأهداف ب 2,5 بينما تبلغ في الدوري الانجليزي 2,8 و في الدوري الألماني 2,79 وفي الدوري الإسباني 2.73
وآمنت الأندية الفرنسية أن الفريق الذي يلعب الهجوم المطلق ويسيطر على مجريات المباريات هو الذي يفوز في النهاية وأن الأساليب الدفاعية أو المتوازنة لم تعد تضمن الفوز في ظل تقارب المستوى بين الفرق الكبيرة والصغيرة.ويؤكد المدرب الأوروغوياني بابلو كوريرا أن فرقا مثل نانسي وديجون وسانت ايتيان باتت نسخا مقلدة من برشلونة الإسباني خلال الأسابيع الأخيرة .وأوضح أعتقد أنها اختارت الحل المناسب لتطوير مستواها وتحقيق الانتصارات لأن كرة القدم في المستقبل ستكون شبيهة جدا بكرة السلة الكل يهاجم و الكل يسجل وسيضطلع لاعبا الأطراف بدور هجومي أكثر من ذي قبل.
موضة العصر
و في الواقع فإن تقليد أسلوب برشلونة الهجومي ليس موضة جديدة تغزو الدوري الفرنسي فحسب وإنما يبدو أنها ستكون تقليعة العصر فحتى في الدوري الإسباني ذاته بات عدد كبير من المدربين يؤمنون بأنه لا مجال لتحقيق انتصارات مستمرة دون الاحتفظ بطابع هجومي للفريق وعدم تغيير الخطط التكتيكية من أسبوع الى آخر.
ولكل زمان موضة وأسلوب في كرة القدم ففي سبعينات القرن الماضي انبهر العالم بأسلوب أياكس أمستردام الهولندي ثم خطفت طريقة لعب ميلان الايطالي الأضواء في عهد المدرب ساكي. وفي عام 1998 جاء دور المدرسة الفرنسية التي تعتمد على التوازن والصلابة الدفاعية لتدشن حقبة جديدة خصوصا بعد فوزها الباهر على البرازيل وتتويجها بكأس العالم للمرة الأولى في التاريخ.
تحذير
وكان المدرب الأرجنتيني الشهير مينوتي قال في وقت سابق أن 99,99 ٪ من المدربين في العالم يتمنون أن يصبحوا مثل غوارديولا وسيحاولوا تدريجيا مع فرقهم على تقليد أسلوب البلوغرانا ولكن أغلبهم لا يعرفون كيف الوصول الى ذلك و ماهي الوسائل التي تجعل منهم استنساخا لجوسيب.
ويرى آخرون أن التقليد الأعمى للطابع الهجومي لبرشلونة سيكون خطرا على كرة القدم في المستقبل حيث ستفقد أندية كثيرة وتظل متمزقة بين هويتها الأصلية وفلسفة غوارديولا الساحرة.
