المنافسة كانت حامية، والصدارة طاردها رباعي، والهبوط انتهى في اللحظات الأخيرة بسقوط كلباء ونجاة الإمارات ودبا الفجيرة، كلها أمور تؤكد أن موسم دوري الخليج العربي 2016/2017 كان قوياً، وتعطي مؤشراً بسخونة مبارياته والمنافسة فيه، والحقيقة أن الحكم بهذه الطريقة هو حكم منقوص، لا يستند على قاعدة راسخة، لأن الواقع الذي شاهدناه، أن الموسم المنتهي لم يكن على مستوى المأمول من حيث قوة المباريات!
بالطبع كان هناك إيجابيات، ولكن سلبيات فتور أغلب اللقاءات والمستوى الفني غير المتميز في أغلب اللقاءات، يجعلنا نعيد حساباتنا، ونغير طريقة تفكيرنا نحو الموسم المنقضي.
إيجابيات
1 -تغير القوى:حصول فريق الجزيرة على لقب الدوري، جاء عن جدارة واستحقاق، وتغييراً للقوى المسيطرة على اللقب، بعد احتكار الأهلي والعين الألقاب طوال ستة مواسم كاملة.
2 -قفزة الوصل:الوصل كان بطلاً عن جدارة، واستحق الوصافة باقتدار، ولكن الإمبراطور أيضاً يستحق الإشادة على المستويات التي قدمها والمباريات القوية التي قدمها، والفهود قدموا موسماً نتمنى ألا يكون استثنائياً، وأن يكون بداية لعودة الزمن الوصلاوي الجميل، وواقع الأمر في الفهود قدموا شكلاً هجومياً رائعاً، ونتمنى مراجعة بعض السلبيات الدفاعية، لنجد الوصل منافساً على اللقب في الموسم المقبل.
3 -بختك يا مبخوت:حصول اللاعب علي مبخوت على لقب هداف الدوري من بين 56 لاعباً أجنبياً، هم قوام المحترفين الأجانب في دورينا مفخرة لنا، مبخوت عمل على نفسه كثيراً، ونمى مهاراته وموهبته، وبالطبع، الأمر يحسب للرغبة الشخصية من اللاعب، وأيضاً لمدربه الهولندي تين كات، الذي أجاد في إخراج أفضل ما في علي مبخوت، ليقدم النجم الجزراوي موسماً رائعاً، ويعلن عن نفسه كأفضل المهاجمين، ليس في الموسم الحالي، ولكن بين الأفضل في تاريخ الدوري الإماراتي.


الجزيرة البطل..منظومة متكاملة
في المنظومة الكروية أفضل وسيلة للهجوم الدفاع الجيد وهذا ما أثبت تين كات المدير الفني الهولندي لـ «فخر أبوظبي»، حيث تعامل المدرب باتزان وعقلانية مع الفريق، وقدم لنا منظومة متوازنة دفاعيا وهجوميا حيث حصل الفريق على أفضل هجوم وثالث أفضل دفاع.
وهذا يعني أن الفريق لم يلجأ لغطرسة القوة الهجومية مهملاً دفاعاته، ولكن الجزيرة لعب الموسم بالكامل بتوازن تكتيكي مبني من الخلف للأمام، وهذا أعطى قوة وثبات أكثر للفريق الجزراوي وجعله يواصل حتى النهاية بنفس المستوى والثبات.
وأمر آخر يضاف إلى ما صنعه المدرب الهولندي مع الجزيرة، وهو حسن الاختيار والتوظيف، فالمدرب استطاع إخراج أحسن ما في نجومه الموجودين مثل علي مبخوت ووجود حارس مرمى ممتاز مثل علي خصيف، والصفقات التي أجراها كانت لخدمة المراكز وجماعية الفريق ولم تكن عشوائية.
حقيقة الأمر أن الجزيرة أكثر ما تفوق فيه هذا الموسم هو التوازن الكامل والمنطقية في اللعب الخططي المبني من الخلف للأمام بقوة دفاعية تعطي أريحية للهجوم، وهو أمر بالكامل يحسب للمدرب المخضرم هانك تين كات.

الوصل الوصيف.. رعب هجومي
الوصل قدم موسماً رائعاً بكل المقاييس، وأظهر لنا شكلاً فنياً في وجود ثلاثي هجومي مرعب ليما ثاني الهدافين والذي تميز بالصناعة والتسجيل في جميع الوضعيات.
وايضا الدور الرائع لكايو الذي يعتبر الأفضل من خلال الروح التي يبثها في الفريق كلاعب قائد يحث زملاءه ويربط بينهم في الملعب، بالإضافة لتسجيله العديد من الأهداف المتميزة والمؤثرة في مسيرة الفريق في الموسم.
ولا يمكن أن نغفل الدور المتميز للاعب رونالدو منديز الإضافة الحقيقية للفريق بقدرته على التسجيل، خاصة من الكرات الثابتة، إضافة لتميزه بالقتالية في الملعب، والعمل كرافد ثالث للهجوم الوصلاوي خاصة في ظل فرض رقابة لصيقة على كايو وليما فيظهر وقتها رونالدو ويسجل ويرجح كفة فريقه.
الوصل هذا الموسم يستحق كل الإشادة والتقدير على ما فعله المدير الفني الأرجنتيني أروابارينا بإصلاح المشاكل الدفاعية تباعاً منذ بداية الموسم، ليصبح الفريق ضمن أفضل فرق الموسم على المستوى الدفاعي.

الفرسان الثالث..تراجع بطل
أداء الأهلي في الموسم الحالي صاحبته الكثير من المشاكل، سواء المادية والإدارية، أو المشاكل في الإصابات والغيابات، ولكن الأهلي لم يكن مستواه مهتزاً في الموسم الحالي، وظهر متماسكاً بفضل قوة شخصية المدرب الروماني كوزمين وجهازه الفني والخبرة الإدارية.
لم يهتز أداء الأهلي أيضا بفضل نوعية اللاعبين الذين يمتلكهم وهم من أصحاب الخبرات والمستوى العالي، ولكن كمتابعين لم يطربنا الأهلي، لم يجتذب آهات الإعجاب منا، حقق المطلوب ربما، وفقد بعض النقاط كلفته اللقب، ولكن بصفة عامة كان الأهلي متماسكاً ولم يكن رائعاً، ولهذا خسر اللقب وأيضا معركة الوصافة ليحل ثالثاً.
ربما اختيار بعض العناصر التي لم تكن الإضافة المطلوبة، مثل التعاقد مع جيان أسيمواه الغاني لم يكن اختياراً موفقاً، بالرغم من إصلاح الخطأ بالتعاقد مع ماكيتي ديوب لاعب الظفرة، والذي يعد تكفيراً عن خطأ التعاقد مع جيان الذي كلف النادي كثيراً ولم يعط المطلوب.

العين الرابع.. أقل من التوقعات
ربما لا يليق باسم ومكانة فريق الزعيم، وما يملكه من نجوم من الصف الأول أن يتواجد في المركز الرابع في ترتيب فرق الدوري وفقدانه لسباق الوصافة وحجز المقعد الآسيوي، ولكن العين كان متوقعاً أن يكون في هذا المركز خاصة بهبوط مستوى بعض لاعبيه الدوليين والذين طالهم الإرهاق والتقدم في العمر.
وفي عدم وجود هداف يترجم مجهود زملائه في صناعة الفرص، ووجود شيء من عدم الدقة أو التخبط في التعاقدات، خاصة الاستغناء عن مهاجمه دوغلاس والتعاقد مع ناصر الشمراني الذي لم يضف فنيا للفريق.
والحقيقة أن على الجهاز الفني للفريق بدء البناء والتحضير سريعا للموسم المقبل، وللآسيوية بالزج بلاعبين شباب، وتحسين مستوى التعاقدات في فترة الانتقالات الصيفية سواء مع المحترفين أو حتى اللاعبين المواطنين.. العين يعاني الهرم والهدف الأول حاليا لا بد أن يكون التخفيض التدريجي لمتوسط الأعمار حتى لا يتعرض الزعيم لهزات أخرى.

أسطوانة الصقور المشروخة
بداية لابد أن نبارك لفريق الإمارات البقاء في الدوري بمعجزة في الثواني الأخيرة لبطولة دوري الخليج العربي، ألف مبروك.. ولكن في كل سنة يعاني الصقور من البداية في مسألة الهبوط، وينتهي الموسم بالنجاة، ويبدأ من جديد الإعداد للموسم الجديد، ولا تكون التحضيرات على ما يرام ويبدأ الموسم ويدخل في الدوامة من البداية وينجو في النهاية.. أسطوانة مشروخة ألم يحن الأوان لإيقاف تكرارها؟!
بالرغم أن الفريق إلى نهاية الدور الأول لم يحصل إلا على 6 نقاط استطاع بعد حضور هيشك الوصول إلى النقطة 20، وكانت هناك بعض علامات الاستفهام للمدرب لعدم قراءته الجيدة في بعض المباريات إلا أن التعاقد مع اللاعب المغربي مراد باتنا، كان القرار الأفضل لإدارة الفريق.
الموسم انتهى ونجا من الهبوط.. آن الأوان للبناء، وبدء صفحة جديدة لموسم مقبل لا ينتظره فيه صراع جديد مع دوامة الهبوط!

على نفسها جنت النمور
عندما يراجع اتحاد كلباء وإدارته أسباب الهبوط، سيجد أنه لا يمكن سوى أن يلوم نفسه، فمثلما على نفسها جنت براقش.. فعلى نفسها جنت النمور، فبعد أن كان ضمن الفرق الأكثر حظاً والأقرب للبقاء في الدوري، ألقى بنفسه إلى الدوامة، وصار يخسر الفرصة تلو الأخرى، ليلقى في النهاية المصير المحتوم ويهبط للدرجة الأولى.
مشكلة الفريق بصفة عامة في اجانبه سواء سياو أو مايغا، فلم تكن لهم الإضافة الفنية بالقدر الكافي، جاءت الفرص تباعاً للنمور ليحسموا بطاقة التواجد بين الكبار دون انتظار للآخرين، ففرطوا في الفرصة تلو الأخرى، ليصبح هبوطهم مستحقاً، وبأيديهم وليس بأيدي الآخرين.
أما في الجولة الأخيرة.. فقد حسبها بالكامل خطأ.. أمام الزعيم العيناوي كان اتحاد كلباء يمكنه اللعب على التعادل باعتباره حلاً أسهل قد يبقيه في دوري الأضواء، ولكنه غامر ولعب بشكل مفتوح أمام فريق كبير يملك من الإمكانيات ما يفوق النمور، ولم يصمد بالفعل ليخسر ويضع نفسه بنفسه في دوري الدرجة الأولى.. ولا يستطيع الفريق إلا أن يلوم نفسه، وعليهم مراجعة الدرس جيداً إن أرادوا العودة مجدداً لدوري الأضواء.


