عادت ظاهرة العنف فى مسابقات المراحل السنية لكرة القدم، مرة أخرى خلال الجولات الماضية، بعد أن توارت لبعض من الوقت بعد الأحداث التي شهدتها مسابقات الموسم الماضي، حيث شهدت الجولات الأخيرة العديد من الحالات التي يجب التوقف عندها للدراسة والسعي إلى العلاج، حيث انتقل العنف إلى مرحلة جديدة تستهدف حكام المباريات، بزيادة عدد حالات الاعتداء على الحكام، فى مسابقات المراحل السنية، حيث أن انتشار هذه الظاهرة فى قطاع عريض مثل المراحل السنية يهدد مستقبل الكرة، ويشير إلى وجود خلل واضح فى نظام المسابقات، وطريقة تعيين الحكام لمثل هذه المراحل، ولابد من السعي إلى علاجه، بما يحقق الطموحات المرجوة من هذا القطاع الحيوي.

وأمام لجنة الانضباط خلال الفترة الحالية العديد من الملفات الساخنة والمتعلقة بالعنف، حيث شهدت مباراة الوحدة مع الأهلي تحت 10 سنوات حالة عنف صعبة حيث قام مدرب بصفع حكم أمام الجميع، وهناك واقعة أخرى فى مباراة الوصل مع الشباب تحت 13 سنة جاري التحقيق فيها الان، وفيها اعتداء متبادل بين الحكم والاداريين، وعاقبت لجنة الانضباط فى اجتماع سابق لاعب نادي الإمارات وليد خميس راشد بالإيقاف مدة إحدى عشرة مباراة وغرامة مالية قدرها عشرة آلاف درهم، وذلك بخصوص الأحداث التي وقعت بمباراة فريقه أمام حتا بمسابقة دوري الناشئين 17 سنة 29 مارس الماضي باعتدائه على الحكم الرابع، وعاقبت لاعب نادي بني ياس ركاض نشمي عبد الرحمن بالإيقاف لمدة أربع مباريات رسمية شاملة عقوبة الطرد وغرامة مالية قدرها ألفا درهم.

وفرض عقوبة مماثلة على لاعب فريق الشعب محمد صابر وذلك بعد طردهما من قبل حكم مباراة الفريقين بمسابقة دوري الأشبال 13 سنة لتشاجرهما بالأيدي، ومعاقبة لاعب النصر حمدان حسن عبد الله بالإيقاف لمدة مباراتين رسميتين وغرامة مالية قدرها ألف درهم، وذلك بعد طرده من قبل حكم مباراة فريقه أمام منتخب الأشبال في مسابقة دوري الأشبال 14 سنة والتي لسلوكه الخاطئ تجاه الحكم، مما يشير الى تنامي ظاهرة العنف والتي أصبحت سمة لمعظم مباريات قطاع المراحل السنية، وهنا لابد من التوقف لدراسة الوضع من كافة جوانبه سعيا لتلافي مثل هذه السلوكيات التي لا تمثل واقعنا الكروي.

 

التركيز على النتائج

يكشف أحمد موسى مشرف المراحل السنية في نادي الشباب اسباب ظاهرة العنف المصحوبة بسلوكيات خاطئة بين لاعبي المراحل السنية، إلى عامل مهم متعلق بالإداري والمدرب فهما الاساس في بداية شرارة أية ظاهرة عنف، من كثرة اعتراضهما على قرارات الحكم، مما ينعكس على سلوكيات اللاعبين داخل الملعب، اضافة عامل الاحتراف حيث أصبح التركيز الأكبر من قبل أولياء الأمور على المقابل المادي الذي يناله اللاعب، مما زاد من الضغط النفسي على اللاعبين.

وهو ما يفوق عمرهم وقدرتهم على التحمل، إضافة إلى حالة الإرهاق البدني التي تصيب اللاعب من خلال ذهابه إلى المدرسة صباحا والتوجه إلى النادي مباشرة بدون أن ينال القسط الكافي من الراحة، مما يقلل من تركيز اللاعب وبالتالي تزداد عصبيته، هذا خلاف التركيز على تحقيق النتائج بالفوز، مما يزيد من حالات التوفر الذي ينقلب إلي عنف، ومثل هذا الوضع غير مطلوب في المراحل السنية التي تعتبر تعليم اكثر منها نتائج.

وأشار مشرف قطاع المراحل السنية في نادي الشباب بقوله إن الأندية تنظم العديد من البرامج السلوكية، ولكن للأسف مثل هذه المحاضرات لا تجد القبول اللازم من اللاعبين أنفسهم، وهنا لابد من القول إن النادي لن يكون له تأثير كبير على الحد من سلوكيات اللاعب، لابد ان يكون الاهتمام الأكبر من البيت والمدرسة مع أهمية التعاون بالطبع مع النادي لان يدا واحدة لا تصفق.

 

خلل واضح

أبدى المستشار سالم بن بهيان العامري رئيس لجنة الانضباط باتحاد الكرة، قلقه من اتساع دائرة ظاهرة العنف والسلوكيات الخاطئة، لتشمل قطاع المراحل السنية، وهذا يعكس مدى وجود خلل واضح بآلية العمل في هذا القطاع الحيوي، الذي يعتبر القاعدة التي نعول عليها كثيرا بالسنوات المقبلة، والسعي الى تدارك هذا الخلل، مما يمنحنا الأمل لغد أفضل بمستوانا الكروي.

ويشير المستشار سالم العامري إلى غياب الدور التوعوي السلوكي بعدد كبير من الاندية، التي تركز كامل اهتمامها على المنافسات وكيفية تحقيق الفوز، وقال نحن لا نمانع في ظل تطبيق منظومة الاحتراف، ولكن لابد من تطبيق كامل نقاط الاحتراف وليس نقطة الفوز فقط، حيث توجد العديد من النقاط المهمة مثل: التوعية السلوكية، والتوعية الفنية الخاصة بمتطلبات اللعبة وكيفية الارتقاء بالأداء، وثقافة الاحتراف لأن لاعبي المراحل السنية هم الفئة المستهدفة، للارتقاء بالاحتراف خلال السنوات المقبلة، ولابد أن يكون البناء مبني على أسس علمية وتربوية وفنية سليمة، حتى يصل اللاعب للفريق الأول وهو في درجة وعي ونضج على مستوى عال.

وطالب رئيس لجنة الانضباط الاندية بضرورة التعاون مع لجنتي المسابقات والانضباط باتحاد الكرة وقال: يد واحدة لا تصفق ونحن جميعا نعمل للصالح العام وتطور كرة القدم بدولتنا الفتية، وإذا كنت أطالب بتعاون الأندية، فهذا يعود إلى وجود نقص توعوي بالعديد من الأندية بالدور السلوكي سواء في التثقيف بشكل عام، أو عدم اتخاذ موقف من اللاعبين الذي تصدر منهم سلوكيات خاطئة، فهناك لاعب اعتدى على منافس له بالملعب، ثم واصل سلوكياته الخاطئة وتعدى على حكم.

فما هو دور النادي بمثل هذا السلوك الخاطئ، وللأسف النادي يكتفي بعقوبة الانضباط دون أن يكون له دور تقويمي أو حتى عقابي اضافي، كما أن تعدد حالات الاعتداء على الحكام قد زادت في مثل هذه المسابقات صغيرة السن فماذا يفعل اللاعب حينما يصل لمستوى الفريق الاول والمنتخبات.، وقال نحن لا نتهاون في تشديد العقوبات للحد من هذه السلوكيات وندعو كافة الأطراف بضبط النفس والتحلي بالروح الرياضية والتى تعتبر أساس مزاولة الرياضة.

 

محمد عبدالعزيز: ندرس إلغاء الفوز في بعض المسابقات

 

كشف محمد عبدالعزيز عضو لجنة تسيير الاعمال في اتحاد الكرة رئيس لجنة المسابقات، النقاب عن وجود تفكير في إلغاء النتائج وعاملي الفوز والتعادل في بعض من المراحل السنية ، حيث يعتبر هذا عامل ضغط كبيرا على اللاعبين، لحرص الأجهزة الفنية والإدارية على تحقيق نتائج ايجابية تساهم في الحصول على امتيازات مالية، مما ساهم في زيادة الضغط النفسي والمعنوي على اللاعبين، وهذا لا يتماشى مع الدور المنوط بقطاع المراحل السنية، الذي يعتبر بداية التعلم والاستفادة لهذا الجيل من اللاعبين، حتي يصعد للمرحلة الأعلى كامل النمو وواع لكافة المتطلبات التي يحتاجها الفريق الأول.

ويضيف رئيس لجنة المسابقات قائلا: ان عدم وجود علاقة طيبة بين الاجهزة الفنية والادارية مع الاطقم التحكيمية في هذا القطاع يولد نوعا من التوتر في العلاقة بين هذه الاطراف مما ينعكس بالسلب على سلوكيات اللاعبين داخل الملعب ومن هنا تأتي حالات العنف، الغير مبرر، والذي يجب أن يواجه بكل حزم وصرامة من ادارات الأندية لأن أساس الاقدام على الرياضة هو تقوية العلاقات بين مختلف اطراف اللعبة، وما نراه حاليا يقوض هذا المبدأ، كما أن عامل الإحتراف زاد من حالات العنف، لأن اللاعب أصبح تفكيره في المقابل المادي أكبر من تفكيره في اللعب والاستمتاع به، لذلك قل التركيز والاهتمام وقل الدور الرقابي من الأندية نفسها ولذلك يجب ان نتوقف قليلا لدراسة مثل هذه الأمور التي تهدد مستقبل الكرة، واعادة ترتيب الأوراق بما يتواكب مع طموحات واهتمامات المرحلة المقبلة.

ويتطرق محمد عبد العزيز إلى نقطة أخرى مهمة متمثلة في انتشار التكنولوجيا الحديثة القادمة الينا مع الخارج، والمتمثلة في تعدد وسائل الاتصال الحديث بين جيل الشباب، مما اوجد سلوكيات غريبة دخيلة على مجتمعنا ، مما ادى الى اتسام الشاب الصغير بظواهر عنف ليس في الرياضة وحسب وإنما عنف عام، وهنا لابد من قيام المختصين والخبراء بدراسة مدى تأثر أبنائنا بمثل هذه الأجهزة والوسائل التي يكون لها تأثير سلبي على أبنائنا.

 

أحمد يعقوب: يجب احترام وتقدير الحكم

 

 

طالب أحمد يعقوب مدير ادارة الحكام في اتحاد الكرة كافة الاجهزة الفنية والادارية في الأندية، باحترام الحكام وتقديرهم لأن دورهم مثل القاضي، لابد أن يجد التقدير عند أدائه مهمته، وقال اننا نشجب مثل هذه التصرفات التي لم ترتق كظاهرة إلى الان، لان صدور مثل هذه التصرفات في قطاع مهم مثل المراحل السنية يشير الى اننا على موعد مع سلوكيات أكبر في حال صعد اللاعب الى مراحل أكبر، وهنا لابد أن تكون هناك وقفة من الأندية للتأمل مع أية حالة وعلاجها بما يضمن عدم تكرارها.

وقال مدير ادارة لجنة الحكام أن اتحاد الكرة يولي قطاع المراحل السنية اهتماما كبيراً، لكونه قطاعا تعليميا بالمقام الأول سواء للاعبين أو الحكام، وبالنسبة لقطاع التحكيم فلدينا جهاز فني وبدني واداري متفرغ للعمل في قطاع حكام المراحل السنية، كما نقوم باستقطاب العناصر المتميزة التي تجتاز العديد من الاختبارات ونقيم لهم دورات صقل متعددة، ولكن دائما أي انسان يعمل في مجال عمل جديد يحتاج أولا الى الدعم من المحيطين به، والسعي الى تسهيل مهمته، والأهم الصبر عليه حتى يكتسب الخبرات اللازمة.

والحال في أوروبا ومعظم الاتحادات، فيما عدا الاتحادات القارية أو الاتحاد الدولي الذين يستعينون بحكام جاهزين من الاتحادات الأهلية، ومستوى الحكام في قطاع المراحل ليس ضعيفا، لان الحكام من المواهب الواعدة، ولكن في أي اتحاد أهلي يكون تعليم الحكم من قطاع المراحل لأن دورات الصقل مهما زادت لا تكفي ولا تقوم بدور الواقع الميداني الذي يكتسب الحكم من خلاله خبرة كبيرة، وعلى الأندية دعم جهودنا في الارتقاء بالتحكيم بداية من الاهتمام بقطاع المراحل السنية، لأن مثل هؤلاء الحكام سيكونون نجوم التحكيم في المستقبل، وعلينا مد يد التعاون والمساعدة لهم من هذه المرحلة المهمة في تاريخهم.