على الرغم من أن مباريات الجولة الـ17 كانت بمثابة طوق نجاة للفرق التي تصارع دوامة الهبوط، وفرق دخلت لعبة الكراسي الموسيقية في الترتيب، بعدما أصبح المركز الثاني بمثابة بطولة لأجل حجز المركز الآسيوي، وفرق كانت تبحث عن الآمان في وسط الجدول لا يهمها البطولة إنما البقاء في دوري اتصالات، فكانت الفعالية التهديفية هي ثلاثة أهداف للفوز، ما عدا مباراة الشباب ضد الوصل، فقد اكتفى مهاجمو الشباب بثنائية في مرمى الوصل، فهل كان الرقم 3 سراً فنياً في مجريات مباريات الجولة 17 من دوري الاتصالات للمحترفين للسنة الرابعة.

 

الإمارات ـ الجزيرة: مفاجأة الثلاثية

في الوقت الذي لم يكن يرغب الجزيرة في خسارة أي نقطة في سباق المنافسة للوصول إلى العين، إلا أنه سقط في امتحان الإمارات لأربعة أسباب فنية، أولاً الإصرار والروح القتالية العالية في الفوز لدى الإمارات، حيث لم يستطع الجزيرة مجاراة شجاعة لاعبي الإمارات في التماسك والانضباط التكتيكي لحظة اندفاع الجزيرة نحو الهجوم، فهل كان الإمارات متزناً في احترام رغبة الجزيرة نحو الصدارة، ولكن إصراراهم على الفوز كان الأقوى؟.

النقطة الثانية الأخطاء غير المفهومة التي وقع فيها اللاعب الأجنبي صاحب الخبرة الميدانية الواسعة الأسترالي المدافع لوكاس نيل في أن يخطئ مرتين ويرتكب خطأين قاتلين منحا الإمارات ضربتي جزاء في أوقات حاسمة استطاع من خلالهما الإمارات أن يتقدم مرتين بواسطة محسن متولي، فهل لوكاس نيل لم يكن مدركاً لأهمية هذه المباراة، ليرتكب مثل هذه الأخطاء التي منحت الخسارة لفريقه..؟.

النقطة الثالثة هي التبديلات المؤثرة في التشكيلة التي أجراها كايو جونيور بحيث تم توظيف اللاعبين في غير أماكنهم تكتيكياً في هذا التوقيت الحساس من عمر المسابقة، فالحكمة الفنية تقول انه لا يمكن العبث بالتشكيلة الناجحة القادرة على صنع التفوق في المسابقة بالرغم من اقتناع الكل بالأداء إلا أن النتيجة هي الأهم، أما النقطة الفنية الرابعة فإن من راقب المردود البدني يلاحظ حالة الإجهاد على لاعبي الجزيرة، فأين المراقبة الفنية في حالة الاستشفاء والراحة التي تظهر فاعلية لاعبي الجزيرة فيما نعرفه عن ما يمر به لاعبي الجزيرة من أداء مباراة تنافسية كل 3 أيام.

الروح القتالية والأداء الرجولي، وفلسفة نهائي الكؤوس في التعامل مع المباراة، منحت الكثير من التفوق الميداني على الجزيرة، الإمارات متعلق بالأمل ويدافع عن حظوظه في البقاء حتى الرمق الأخير مهما كان الخصم.

 

النصر ـ الشارقة: مواجهة المصير

بالرغم من أن المباراة جاءت متكافئة، إلا أن الأفضلية التهديفية كانت للنصر بسبب عودته إلى أسلوبه الناجح في الفوز وسرعة التحول الهجومي من خلال الهجمات المرتدة، ولكن المشكلة الأساسية التي كان يخشاها النصر قبل المباراة هي إن اللاعبين لم يعتادوا على خوض مباريات قوية متتالية في وقت ضيق، وهذا الأمر يعتبر جديداً عليهم لأنه يتطلب منهم التركيز العالي طوال المباراة تحت ضغوط المنافسة، فكان النصر ذكياً في التعامل البدني باقتصادية على مدار الشوطين، وهذا الأمر يحسب للإعداد البدني الجيد للفريق.

بالرغم مما تميز به الفريقان من ترابط الخطوط تكتيكياً، والرغبة الهجومية التي كانت واضحة نسبياً في بداية المباراة، إلا إن اللمسة الأخيرة لم تمنح هجمات الشارقة الفاعلية التهديفية، فاعلية النصر في وسط الملعب من خلال البناء الهجومي كان مميزاً، ولكن المنظومة الدفاعية للشارقة كانت تعاني من الضعف المهاري الفردي فكان عامل الخبرة حاسماً في تفوق النصر في المواجهات الفردية، القراءة التكتيكية للمواقف الدفاعية للشارقة كانت مرتبكة بفضل سرعة لاعبي النصر في التحول الهجومي، وحتى الانطلاقات الهجومية.

اللعب المفتوح كان مخاطرة من الشارقة لم يكن يتحملها، لكن التمسك بالأمل الهجومي أمام فريق يمتاز بالقوة الدفاعية عادة ما تكون نسبة النجاح فيها ضئيلة إلا أن الشارقة استطاع أن يسجل هدفين لم يساعدا الفريق في تغيير النتيجة التي كانت لصالح النصر، وبالرغم من الأفضلية العددية للشارقة بعد طرد مانع سبيل من النصر إلا أن الحلول الهجومية لم تسعف الشارقة في تغيير الواقع، وحتى قرار المجازفة من اللاعبين لم يلحظ، فكانت الحالة نوعاً من الاستسلام للقدر، وتبقى 3 نقاط هي ما يبحث عنها الشارقة ليغير حاله فمتى سيفوز ليغير الشارقة قدره في دوري المحترفين لهذا الموسم؟.

 

الشباب ـ الوصل : لعبة الكراسي

لم يعد الأداء مهماً، لأن الأهم هو النتيجة لو بهدفين من أخطاء مدافعين سواء الهدف الأول الذي سجله ياسر سالم في الشوط الأول، إلا أن المباراة لم تشعرنا بأنها تصنف من ضمن الديربيات المؤثرة على جدول الترتيب أو الإثارة المرتقبة منها إلا في آخر 20 دقيقة من المباراة، الـ 20 دقيقة الأخيرة من المباراة تأرجحت بين المحافظة على الفوز للشباب، ومحاولة التعادل من الوصل، إلى أن جاء خطأ ضربة الجزاء في الدقيقة 85 الذي تسبب فيه حارس الوصل، ليسجل سياو الهدف الثاني للشباب.

السيطرة والأفضلية كانت للشباب في وسط الملعب، ثم التحول الهجومي بالتنوع في البناءات الهجومية من خلال تحركات سياو، كييزا، فيلانوفيا، ثم كيفية إغلاق المساحات من خلال الزيادة العددية ومراقبة مفاتيح اللعب في الوصل، المباراة كانت تكتيكية ولم يقدم الفريقان الإمتاع والإثارة في الديربي، لذا كانت الفرص التهديفية بالرغم من قلتها، أياً منها بمثابة هدف حسم يغير من الإيقاع البطيء للأداء، ولكن ما لم يكن مفهوماً في هذه المباراة من الوصل، هو لماذا كانت مفاتيح اللعب المؤثرة هجومياً غائبة من فرض إيقاع الوصل السريع على الشباب، هل هذه المفاتيح استسلمت للرقابة الصارمة بحيث لم تجد لنفسها الحلول المهارية (عدا خلعتبري) في تغيير أداء الوصل هجومياً.

حظوظ المنافسة منحت الفوز للشباب تكتيكياً، وحالة الإرباك الدفاعي غير المفهوم من دفاع الوصل، ولكن يبقي المهم جداً على الوصل كيف يستمر على وتيرة الأداء السريع والقوي في التحول الهجومي من بداية المباريات وليست في آخر 20 دقيقة، فالتركيز الذي كان مفقوداً في الوصل وزادت مساحته في نهاية الدوري وقد يضع الوصل في موقف محرج في الأسابيع المقبلة.

 

العين ـ بني ياس: شخصية البطل

في كل مباراة يؤكد العين حقيقة واحدة، إن كل مباراة بمثابة تأكيد الطموح، وتثبيت أركان الصدارة، والاقتراب تدريجياً نحو اللقب، تلك هي الفلسفة التي زرعها كوزمين في عقلية اللاعبين، بحيث تكون الجاهزية النفسية والذهنية قبل الفنية في مواجهة المنافسين في كل مباراة، بالرغم من قوة رغبة الفوز التي يواجهها من منافسين يرغبون في تحقيق الفوز على المتصدر، ولكن الفوز بالنسبة للعين مهما كان اسم المنافس ما هو إلا خطوة مهمة نحو بلوغ القمة والطموحات.

العين لعب بروح البطولة، فكان التركيز عالياً أمام خصم حاول من البداية أن يباغته بالهجوم الضاغط، العين لعب بشخصية البطولة، فكان الانضباط التكتيكي واضحاً في أداء لاعبيه في كيفية الارتداد الدفاعي الفعال أمام هجوم بني ياس، العين لعب بعقيدة البطولات، فكانت الروح القتالية ورغبة الفوز واضحة في التحول الهجومي السريع وفي استغلال المساحات الخالية بفاعلية في مباغتة الدفاع، العين لعب بثقافة النجاح، فكنت الجماعية هي السمة الفنية التي لعب بها الفريق وكانت المنظومة التكتيكية مترابطة بين اللاعبين في المساندة الدفاعية قبل الهجومية، لذلك كانت أفضلية العين أمام بني ياس حافزاً قوياً نحو الفوز.

بني ياس حاول مجاراة رغبة الفوز القوية في أداء العين إلا أنه وقع في أخطاء دفاعية على مستوى التنظيم، بالرغم من التشكيلة التي انتقدها الكثيرون، ولكن يبقى الخيار التكتيكي في وضع التشكيلة المناسبة التي تتوافق مع أهداف الفريق أمام منافسيه، العين لم يضع أمامه نوعية الخصم ليضع التكتيك الذي يلعب به إنما الأهم هو عقلية الأداء الذي يمتاز به اللاعبون في كل مباراة يحقق فيها الفوز.

 

الوحدة ـ الأهلي: ثلاثية خارج الحسابات

سيناريو يبدو أن الأهلي اعتاد عليه مرة ثانية خلال أسبوع واحد بعد تعادل بثلاثية مع النصر، الوحدة يفرض تعادلًا في الوقت الإضافي بثلاثية أيضاً، نتيجة المباراة بين الأهلي والوحدة يفرض سيناريو يجب علينا أن نفهمه بأنهما يخوضان موسماً للنسيان بعد أن خالفا كل التوقعات المبدئية ما قبل الموسم.

جاءت المباراة متوسطة فنياً، إلا أن جمالية اللعب المفتوح جاءت متقاسمة بين الفريقين، فكنا ننتظر من الأهلي المتعة لأن الوحدة لم يبخل علينا بتلك المتعة طوال الشوط الأول، لهذا كانت الأفضلية للوحدة الذي جمع متعة الأداء والنتيجة الفعالة في الشوط الأول.

لأن المباراة كانت خارج أي حسابات تكتيكية خاصة، بدأ الأهلي بالهجوم في الشوط الثاني منذ الثواني الأولى ليسجل هدف التقليص، فأعاد له الأفضلية في جمالية اللعب المفتوح في المساحات الخالية، فكان فعالاً في التنوع الهجومي واستغلال الأخطاء الدفاعية، والهجمات المرتدة في طريقة تسجيل أهدافه في الشوط الثاني.

جمالية اللعب الهجومي المفتوح في المساحات الخالية كانت فعالة للفريقين على مدار شوطي المباراة، والتعادل بثلاثة أهداف لكل من الفريقين، نتيجة عادلة حسب مجريات اللعب، حيث إن الفريقين تقاسما الأفضلية الهجومية في شوطي المباراة، ستة أهداف لم تخضع لأي حسابات تكتيكية خاصة، فكلا الفريقين يبحثان عن الفوز وبالرغم من أن الدفاع المنظم سمة الفريقين استقبل مرمى كل منهما ثلاثة أهداف.