حينما انتبهت للحياة، أدركت ببراءة الطفولة أنها.. لا تسمع ولا تتكلم، غير أنها شعرت بشيء آخر مختلف عن أقرانها، شيء تعبر به عما يجيش بخاطرها وما يدور داخلها، دون أن تحرك شفتيها.. كانت كلما شعرت بأنين مكتوم.. هرولت إلى الورق، تمسك بقلمها الرصاص، وتخط به رسومات معبرة عما تريد أن تتلفظه من كلمات.
كلمات بالرسم، وحديث مازال مستمراً، للفنانة المتوهجة مريم الحوسني إحدى مواهب أصحاب الهمم في الرسم، وشقيقة عائشة التي ضربت المثل في العزيمة والتحدي.
مريم ابنة السبعة عشر ربيعاً، لم تستسلم يوماً لإعاقتها الكلامية، بل اعتبرت أن الله حين سلبها هذه النعمة منّ عليها بنعم أخرى، أهمها موهبة الرسم، فلم تعد تشعر بنقص ما في أي جانب بعد أن تميزت عن الأسوياء بريشتها المنسابة فوق لوحات الإبداع، ونجحت في أن يكون فنها همزة وصل بينها وبين الأسوياء، ومن ذكائها الفطري، أنها استثمرت معرض شقيقتها عائشة في خيمة الخير بدورة ند الشبا لتعرض إبداعاتها والصور التي ترسمها بريشتها الذهبية.
مريم التي تدرس في الصف التاسع.. تحولت في هذه السن المبكرة إلى فنانة محترفة بعد أن شاركت في العديد من المعارض، ولاقت رسوماتها إعجاب الجميع، وقد حصلت على جوائز تقديرية عدة، أكدت من خلالها تفوقها في الرسم بالكلمات.
مريم.. نموذج من نماذج أصحاب الهمم الذين حطموا اليأس وارتدوا أثواب الإبداع.
