«العامية».. خطر يحاصر «العربية» بلسـان أبنائها

ت + ت - الحجم الطبيعي

يصرخ البعض ليل نهار بسبب طغيان اللهجة العامية على اللغة العربية، فالعامية أصبحت هي القاعدة، في وقت صارت العربية مجرد استثناء. والعامية المحلية في كل دولة عربية هي المستخدمة في الشارع والإعلام ومراكز البحث العلمي، بل وفى أقسام اللغة العربية نفسها بالجامعات. فما سبب ذلك يا ترى؟ ولماذا يعانى الطلبة العرب من صعوبة فهم قواعد لغتهم؟ ولماذا لا يقبل الطلبة الأجانب على دراسة لغتنا، بينما يتهافت طلبتنا على دراسة لغتهم؟

الدراسات التربوية التي خُصصت لدراسة أسباب الضعف اللغوي لدى الناشئة، أظهرت أن اللغة العامية هي المتهمة الأولى في هذا الضعف. فالأسرة تستخدم اللهجة العامية في الحياة اليومية، ولا تشجع أبناءها على استخدام الفصحى، والعامية هي لغة السواد الأعظم في مجتمعاتنا. أما الفصحى فتقتصر على الطبقة المتعلمة، ولا تستخدم إلا في المحافل الدولية والإعلامية والتربوية والعلمية والأدبية.

 

 

 

 

 

 

 

اللغة العربية هي إحدى اللغات العالمية الخمس، وتتجلى عظمتها في أنها لغة القرآن الكريم التي قال فيها عز وجل:(إنَّا أنزلناهُ قرآناً عربياً لقومٍ يعقلون). وهيَ لغة الضاد التي قال فيها المتنبِّي في معرض الفخر بأجداده: وبهم فخر كل من نطق الضــا دَ وعوذ الجاني وغوث الطريد ورغم كل مميزات اللغة العربية الفصحى وأهميتها، فإننا نجد بعضهم لا يزال مصراً على إلغاء التكلم باللغة العربية الفصحى أو الكتابة بها، بل نجده يدعو مراراً وتكراراً إلى التحدث عبر شاشات التلفاز باللهجة العامية، بدعوى أنها لغة التراث والأصالة.

إن اللهجة العامية ليست لغةً بل هي طريقة شعبية أو أسلوب للتعبير عند الشعوب، أو لهجة تطورت مع الزمن واختلاط الشعوب العربية بغيرها، نتيجة للتجارة أو نتيجة لاستعمار بعض الدول للشعوب والدول الأخرى، إذ دخلت العديد من المصطلحات الأجنبية عند هذه الشعوب، حتى غدت لغة التداول اليومية. كما يرجع تشكل اللهجة أيضاَ إلى تطور المجتمعات البشرية عبر العصور.

رغم كل هذه الظروف التي رافقت اللهجة المحلية ومبرراتها، فإنها لا يمكن أن تحلَّ - ولا بشكلٍ من الأشكالِ - مكان اللغة الأم، لأن اللهجات أشبه بفروع الشجرة التي تنتهي بالشجرة الأصلية، وهي اللغة الأم التي يجب أن نحتفظ بها ونصونها، لا أن ندعو إلى إلغائِها كما يحلو للبعض أن يتفوه ويتشدق، ففي الوقت الذي نلاحظ فيه تمسك الأوروبي الشديد بلغته الأم رغم تعلمه لغات عدة، نجد أن البعض من العربِ يدعو إلى إلغائِها وجعل اللهجة العامية مكانها. ومما زاد الوضع سوءاً هو استخدام اللهجة العامية في دبلجة المسلسلات الأجنبية المستوردة، مثل المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السورية والمسلسلات الأخرى المدبلجة باللهجة اللبنانية أو المصرية، وما إلى ذلك من لهجاتٍ.

 

Email