المعلم والبيت

كيف يتجاوز الطفل أيامه المدرسية الأولى؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كل عام يلتحق الملايين من الأطفال بالمدارس لأول مرة في حياتهم، وتلك المرحلة تعد خبرة نفسية حساسة وصعبة في حياة الطفل. فهناك من يمر بها بسلام، في حين يتأثر بها بعضهم سلباً، ومهما كانت النتائج، فإنها على الأقل تعد تجربة تستدعي اهتمام كثير من الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات.

التحاق الطفل بالمدرسة لأول مرة في حياته، يمثل انتقالاً مهماً وتغيراً كبيراً في نمط الحياة. فالطفل في يومه الأول، يجد نفسه وسط أعداد غفيرة من الغرباء؛ من الصغار والكبار، وقد انتقل من حياة الحرية والانطلاق إلى مظاهر النظام والقانون. ومن الفسيح إلى المحدود.

ومن سلطة الوالدين إلى سلطة المعلمين، ومن اللعب واللهو إلى الجد والمسؤولية، ومن آفاق الحكايات والخيال إلى آفاق المعلومات والتجارب، ومن التعامل ومخالطة الأسرة إلى الارتباط بالرفاق والمجموعات، ومن بيئة يغمرها التعاطف والتعاون إلى بيئة يغلب عليها التنافس والتحدي. إنها تحديات مفاجئة تهدد الطفل أو تشجعه لمسيرة هذا المجتمع الجديد.

حالات نفسية

من الطبيعي حدوث حالات نفسية للطلاب المستجدين، نتيجة متغيرات عديدة مثل الخوف، حيث تشير دراسات عديدة إلى أن 5 - 8% من الأطفال في الصف الأول، يحدث لهم اضطراب يحتاج إلى تدخل نفسي. وهناك الصمت أو التكلم الاختياري الذي يحدث بنسبة 12%، بحيث يتحدث الطفل بطريقة طبيعية مع أفراد أسرته، في حين لا يتفوه في المدرسة بحرف واحد.

وتؤكد نتائج الدراسات أن الأطفال الذين التحقوا بدور الحضانة أو برياض الأطفال قبل التحاقهم بالمرحلة الابتدائية، كانوا أفضل مستوى من النمو اللغوي وتعلم المهارات الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين، من أولئك الأطفال الذين التحقوا مباشرة دون المرحلة التمهيدية.

إن الاستعداد للالتحاق بالمدرسة الابتدائية، لا يتطلب توافر القدرات الإدراكية والمهارات التعبيرية فقط، بل يتطلب درجة واضحة من النضج الاجتماعي، توفره التنشئة الاجتماعية الواعية، كما يتطلب قدراً من التمرس بالتنظيم الذاتي بالسلوك.

قواعد مهمة

ويمكن تقديم بعض القواعد العامة والمهمة التي تساعد الوالدين والمعلمين والمعلمات على تهيئة الطفل الجديد للدراسة، واستقباله بطريقة محببة وسوية.

ومن أهم هذه الأساليب والطرق: أن يتحدث الوالدان عن ذكريات الطفولة في المدرسة ومحبة المعلمين لهم. وتهيئة الظروف المنزلية المساعدة على النوم المنظم والمبكر للطفل، لينال القسط الكافي من النوم، كي لا يجهد في المدرسة.

ومن تلك الطرق أيضاً، عدم تغير معاملة الوالدين تجاه الطفل دفعة واحدة عند دخوله إلى المدرسة الابتدائية. فطفل الروضة اعتاد على حياة اللعب والمرح واللا مسؤولية. وكذلك الابتعاد عن ذكر كل ما ينفر الطفل من المدرسة، كحل الواجبات المدرسية، أو الأنظمة المدرسية المقيدة، أو العقاب المدرسي، أو تكاليف رسوم الدراسة أو صعوبة المناهج.

تأثير إيجابي

من الأمور ذات التأثير الإيجابي في تهيئة الطفل العقلية للمرحلة الابتدائية، التحدث مع الطفل عن المهنة التي يحبها ويرغب في الالتحاق بها، وأنه لن يستطيع الحصول عليها، ما لم يدخل المدرسة ويتخرج منها. ومن المفيد أن يضرب الوالدان أمثلة حية لأشخاص قريبين من الطفل، وكيف أنهم دخلوا المدرسة وتعلموا وهم أصغر منه بقليل.

ومن المرغبات، اصطحاب الطفل لشراء حاجياته المدرسية من كتب وحقيبة وملابس وأدوات بنفسه، ومن المفيد أن تحتوي حقيبته المدرسية على شخصيات ورسوم محبوبة لديه. ومما يساعد على تقريب المدرسة إلى عقل الطفل أن يبين ولي الأمر أن اليوم الدراسي في المدرسة سوف يكون أطول من يوم الدراسة في الروضة.

وأن المدرسة تضم حصصاً يدرس فيها الطفل مواد متعددة ومختلفة. وأن يكون لكل حصة معلمة خاصة بها. كما أن المدرسة فيها نجاح ورسوب، وكذلك الحصول على شهادة. وأن الفصل الدراسي يختلف عن فصل الروضة، وفيه مكان مخصص لكل طالب.

وهناك أكثر من معلم أو معلمة، وأن عدد الطلاب أكثر في الفصل الواحد. وعلى طفل الروضة أن يعرف أن هناك مناهج متعددة ومختلفة، وأن المدرسة مكان للتعليم أكثر منه للعب، وأن على الطفل أن يعتمد على نفسه بشكل كبير، فهو يشتري حاجياته من المقصف.

توزيع الطلاب

كما ينبغي لمعلمي ومعلمات المرحلة الابتدائية توزيع الطلاب على شكل مجموعات داخل الفصل، وذلك في الأيام الأولى من الدراسة حتى يتعود الطالب الجديد (طفل الروضة) على الجماعة وتكوين الصداقات. ويستحسن أن يحافظ المعلمون والمعلمات على مزاج حسن يعاملون به التلاميذ في الأسبوع الأول من الدراسة.

وينبغي ألا يشعر التلميذ أن هناك فرقاً شاسعاً في أسلوب التعامل بين الأسبوع التمهيدي والأيام الدراسية العادية. ومن المهم عدم معاقبة الطفل في الأيام الأولى للدراسة. وكذلك الاستجابة الإيجابية والسريعة لاحتياجات الأطفال في الأيام الأولى.

Email