ســونيا الهـاشمي: هدفنا تحرير القدرات الكامنة لأصحاب متلازمة داون

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحديث عن حالة مثل (متلازمة داون)، يحرك في النفس شؤوناً وشجوناً، خاصة ونحن نتكلم عن واحدة من أكثر الحالات الإنسانية خصوصية، وأقربها إلى القلوب تعاطفاً ورحمة، والمسألة المهمة التي يجب ألا نجهلها، أن الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية لهذه الفئة تتطلب وعياً عالياً، وقدرات متميزة، ومبادرات مجتمعية، عنوانها التواصل الاجتماعي والتراحم والتعاطف، وفي مجتمع كمجتمع الإمارات، تصبح القيم الإنسانية النبيلة هي العنوان البارز للعطاء بلا حدود.

في مسيرة العمل الخيري والاجتماعي، تحرص دولة الإمارات، على توفير مختلف الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية لهذه الفئة، وتعزيز مبادرات العمل التطوعي، وتحفيز مجالاته لخدمتهم. في مقدمة هذه الجهود تأتي جمعية الإمارات لمتلازمة داون، شامخة بنشاطها وبرامجها وعطائها.. مع سونيا الهاشمي رئيس مجلس إدارة الجمعية، كان هذا الحوار:

هل لك أن تحدثينا عن جمعية الإمارات لمتلازمة داون، من حيث أهدافها وأنشطتها الرئيسة؟

هي جمعية ذات نفع عام غير ربحية، تم إشهارها في سبتمبر 2006 لخدمة ذوي متلازمة داون في الدولة، شعارها «تحرير القدرات الكامنة». لذلك فهي تعتمد في رسالتها على دمج وتمكين ذوي متلازمة داون، من خلال إبراز أقصى إمكاناتهم ومهاراتهم ليصبحوا أعضاءً فاعلين ومنتجين في المجتمع. وهي تعمل من خلال استراتيجية تهدف إلى توفير البرامج العلاجية، والدمج في سوق العمل، وتعزيز الأنشطة الاجتماعية والفعاليات المختلفة، ودعم الأسر، والتوعية المجتمعية، والدمج التعليمي، واستدامة الموارد من أجل استمرار تحقيق الأهداف.

وتنطلق أنشطة الجمعية من ثلاثة محاور رئيسة، يختص المحور الأول بالطفل، من خلال برنامج علاج النطق والعلاج الوظيفي والعلاج الطبيعي، وتقييم الذكاء. إلى جانب ورش الرسم والتدريبات الرياضية على مدار العام، والمشاركات في بطولات الأولمبياد الخاص، والرحلات الترفيهية.

والمحور الثاني يختص بالأسرة، من خلال المحاضرات المتنوعة وورش العمل التثقيفية، والجلسات الحوارية، وتقديم كل ما يخص الأسرة والطفل.

أما المحور الثالث، فيختص بالمجتمع، من خلال نشر الوعي الكامل عن أصحاب متلازمة داون، وحقوقهم الصحية والتعليمية والمعيشية والوظيفية والمجتمعية، وحقوق الأمن والسلامة.

نعلم أن لك تجربة شخصية مع متلازمة داون، من خلال ابنك سيف، فهل كان هذا ضمن الأسباب التي أدت إلى تأسيس الجمعية؟

بشكل شخصي، لم يكن لوجود ابني سيف، أي سبب في تأسيس الجمعية، وذلك لوجود مجموعة مساندة متلازمة داون منذ بدايات عام 2005، التي كانت تضم عدداً من المتخصصين، وأطباء أطفال، وأسر من المهتمين بتقديم الرعاية المتميزة لأبنائهم. وكانت المجموعة تحت مظلة نادي دبي للسيدات، وبرئاسة فخرية من سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، حفظها الله، وصدف تواجد سيف في حلقة من برنامج (حياتها) للدكتورة نادية بو هناد والتي قدمت سيف كنموذج ناجح لاهتمام الأسرة بهذه الشريحة من المجتمع، إذ لفت انتباه الدكتورة منال جعرور، إحدى مؤسسات المجموعة، وتشغل منصب نائب رئيس مجلس الإدارة حالياً، من خلال متابعتها للبرنامج.

فتواصلت معي، ودعتني للمشاركة في تلك المجموعة، فوافقت لأني كنت أتمنى تحقيق حلمي في أن أساهم بتجربتي الشخصية في خدمة أصحاب متلازمة داون، وبالتالي اقترحت عليهم إشهار هذه الجمعية، وسعيت لتأسيسها رسمياً، فحظيت بدعم من معالي مريم الرومي وزيرة الشؤون الاجتماعية، إذ تم إشهارها في سبتمبر 2006 وتم تعييني نائبة لرئيسة الجمعية لمدة سنة واحدة، ومن ثم رئيسة مجلس الإدارة.

ماذا تقولين لأسر ذوي متلازمة داون؟

أكرر دائماً أهمية تثقيف الأسرة لذاتها، والسعي إلى الحصول على كل المعلومات التي من شأنها تسهيل مهامها تجاه تربيتها لأبنائها من ذوي متلازمة داون، والإصرار على مواجهة التحدي، فالطريق ليس دائماً مفروشاً بالورود، وعلى الأهل الالتزام بتهيئة أبنائهم لمواجهة الحياة، من خلال البرامج الخاصة والمهمة جداً، كبرامج التدخل المبكر منذ الولادة، وبرامج علاج (النطق الوظيفي). ولا بد من حضورهم ورش العمل الخاصة لتعديل السلوك، وأشياء أخرى كثيرة، تسهم فعلياً في رفع مستوى تقبل الأسر لأبنائها ومساندتهم لها.

بالإضافة إلى اهتمام الأسر بمشاركة أبنائها في الأندية الرياضية بجميع أنواع الرياضات، وخصوصاً السباحة وورش العمل الخاصة بالأطفال، كالرسم والموسيقى، فهي تؤدي إلى تطوير سريع لمهاراتهم. ويبقى على الأسرة اكتشاف نقاط القوة لدى أبنائها للسعي إلى التركيز عليها وتنميتها لهم.

ما تقييمكم لتعاون المؤسسات المتخصصة الأخرى وذات الصلة معكم؟

هناك تعاون كبير بين الجمعية، والمؤسسات الأخرى ذات الاهتمام المشترك، كمراكز ذوي الإعاقة والأندية الرياضية لذوي الإعاقة، إذ إن معظم أعضاء الجمعية من المنتسبين لهذه الجهات. وهناك أنشطة رياضية وفنية مشتركة، فقد قامت مؤخراً إدارة الأولمبياد الخاص مشكورة، بدعوة الجمعية للمشاركة في البطولات الرياضية من قبل أعضاء الجمعية.

وأود أن أذكر المؤسسات الحكومية الرائدة في تقديم الخدمات لذوي متلازمة داون وفي مقدمتهم وزارة التربية والتعليم، ووزارة الشؤون الاجتماعية، وهيئة تنمية المجتمع، والإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب، وشرطة دبي، والعديد من المؤسسات الأخرى الحكومية والخاصة التي لا تتوانى عن تقديم كل الخدمات المقترحة من قبلنا أو المبادرات التي تطرح من قبلهم، في سبيل توفير حياة كريمة لذوي متلازمة داون.

اهتمام معالي وزير التربية، بالجمعية ودعمه لدوركم في هذا المجال، ما رأيكم، وكيف ترون دور الوزارة في هذا الصدد؟

أتت زيارة معالي حميد القطامي وزير التربية والتعليم، كلفتة رائعة من معاليه للاطلاع شخصياً على الخدمات التي تقدمها الجمعية، والتعرف على البرامج العلاجية التي تؤهل دمج ذوي متلازمة داون في المدارس بشكل خاص وفي المجتمع بشكل عام، إذ كانت هذه الزيارة، خير دافع لنا على بذل المزيد من الجهد والعطاء، كما أننا نقدر غالياً مبادرة معاليه بتوقيع مذكرة تفاهم بين الجهتين. وهذا دليل حرصه على أبنائه من هذه الفئة، وتأكيده أهمية ودور وزارة التربية في تقديم أهم خدمة لهم، وهي الدمج التربوي في المدارس النظامية.

وهل سيكون هناك المزيد من دمج أطفال ذوي متلازمة داون في المدارس؟

بإذن الله سيكون الدمج ناجحاً، وسيتم ضم أكبر عدد ممكن من ذوي متلازمة داون في المدارس النظامية، لأنه، وحسب تقديراتي، تسعى وزارة التربية جاهدة إلى رفع ثقافة الدمج في المدارس، من خلال قبول الأطفال الذين يتم تقييمهم والموافقة على دمجهم من ناحية.

ولسبب وجود برامج مكثفة لتطوير مهارات الاتصال لدى الأطفال، من خلال البرامج العلاجية التي تؤهلهم للانضمام لفصول الدمج، أما السبب الأخير فهو تزايد أعداد ولادات ذوي متلازمة داون في الدولة ضعف النسبة العالمية. وبما أن معظمهم يعتبرون قادرين على الدمج في المجتمع، فهذا يعني ازدياد فرص انضمامهم إلى المدارس في المستقبل.

ما الذي يمكن أن تقدمه الجمعية للإسهام في عملية الدمج؟

دور الجمعية كبير ومهم في الإسهام في عملية الدمج التربوي، من خلال البرامج العلاجية المجانية التي تقدم لجميع الفئات العمرية لذوي متلازمة داون، والتي تؤهلهم للدمج بشكل أكيد سواء في القطاع التعليمي أو الوظيفي أو المجتمعي.

وخلاف البرامج المتعددة، هناك الحملات التوعوية التي تقام على مستوى الدولة، والتي وصلت إلى 150 زيارة توعوية لمؤسسات عامة وخاصة. وهناك الحملة الكبيرة التي تم تمويلها من مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي لمدة سنتين على التوالي، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، إذ تمت الحملة في 70 مدرسة حكومية وخاصة على مستوى الدولة، بمعدل 10 مدارس في كل إمارة للبنين والبنات، باسم (التحديات العقلية ـ اعرف الفرق)، وهناك أيضاً، الكثير من الحملات التوعوية التي أسهمت في دمج فئة متلازمة داون في قطاع العمل.

Email