التقنيات الحديثة.. تأكيد على دور المعــلم وإقرار بصعوبته

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل التطور المتسارع لتكنولوجيا المعلومات وتقنيات التعليم على اختلافها، لم يكن من المجدي أن يظل المعلم بعيداً عن المشهد التقني الذي بات واقعا لا رجعة فيه، لذلك يكون الخيار الوحيد هو التحول إلى عصر التقانة ذاته، كي يستطيع مواجهة التحديات التي يمثلها ذكاء الطالب، ومعرفته بكل جديد في عالم التقنيات، واستخدامه وسائل التواصل الحديثة والمعقدة أحياناً.. وسوى ذلك، في هذه السطور نتناول باختصار شديد دور المعلم في ظل تقنيات التعليم الحديثة.

يحرص أنصار التكنولوجيا في التعليم، التأكيد على أن استخدام التقنيات الحديثة لا يعني إلغاء دور المعلم، بل على العكس تماماً، سيبقى دوره للأبد، لكنه سوف يصبح أكثر صعوبة لأن المعلم هو جوهر العملية التعليمية، وعليه أن يكون منفتحاً على كل جديد، وبمرونة تمكنه من الإبداع والابتكار، يدير العمل باقتدار حيث أصبحت مهنة المعلم، في ظل هذا الانفتاح على العالم، مزيجاً من مهام القائد، والناقد والموجه، ليكون قادراً على الوقوف أمام متطلبات العصر وتحدياته وما يسمى بالعولمة وما تشكله من تحدٍ ثقافي واجتماعي واقتصادي.

ويرتبط نجاح المعلم في الاستفادة القصوى من التكنولوجيا من خلال تحويل غرفة الصف الخاصة به من مكان يتم فيه انتقال المعلومات بشكل ثابت وفي اتجاه واحد، من المعلم إلى الطالب، إلى بيئة تعلم تمتاز بالديناميكية وتتمحور حول الطالب حيث يقوم الطلاب مع رفقائهم على شكل مجموعات في كل صفوفهم وكذلك مع صفوف أخرى من حول العالم عبر الإنترنت، وأن يتبع مهارات تدريسية تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات والتوقعات المتنوعة والمتباينة للمتلقيين، وأن يطور فهماً عملياً لتكنولوجيا التعليم مع استمرار تركيزه على الدور التعليمي الشخصي له.

لقد تطورت تقنيات التعليم بشكل سريع وأصبح على المعلم أن يستخدم الوسائل التكنولوجية والأجهزة التقنية بفاعلية عند تقديم الدرس، وهناك بعض التقنيات التي يمكن للمعلم أن يستخدمها مثل: تكنولوجيا السمعيات المعتمدة على الصوت، والرسوم الالكترونية، وتكنولوجيا الفيديو، والحاسوب وشبكاته.

وفي ضوء هذا الدور الجديد للتقنية سيصبح بإمكان صف دراسي يدرس الجغرافيا مثلاً، أن يرى صور أقمار صناعية تُظهر التضاريس، ويتعرف على ارتباطها بالمناخ، إضافة إلى محاكاة هذه العلاقة من خلال توظيف الوسائط المتعددة «ملتي ميديا» في إيصال محتوى المناهج التعليمية للطلبة، كحركة الرياح وعوامل الحرارة وغيرها.

وفي السياق ذاته يرى أصحاب النظرة التقليدية للتعليم، أن استخدام وسائل التكنولوجيا وتقنيات التعليم، قد يؤثر سلباً على طبيعة العلاقة التبادلية بين المعلم والطالب، ويذهب عدد منهم إلى أنها أيضاً سوف تحد من إمكانات المعلم البشرية وتفقده حماسته، وتحجم دوره داخل الصف الدراسي، وفي هذا السياق، أعد الباحثين دراسات عدة حول هذه العلاقة التبادلية المباشرة وأثر حماس المعلم في الصف الدراسي وانعكاساته على مستوى تحصيل الطالب، باعتباره أسلوب من أساليب التدريس، فبينت معظمها أن حماس المعلم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتحصيل التلاميذ، وفي دراسة تجريبية لأحد الباحثين، قام باختيار عشرين معلماً حيث أعطيت لهم التعليمات بإلقاء درس واحد لتلاميذهم بحماس، ودرس آخر بفتور، فتبين من نتائج هذه الدراسة، أن متوسط درجات التلاميذ في الدروس المعطاة بحماس كانت أكبر بدرجة جوهرية من درجاتهم في الدروس المعطاة بفتور في تسعة عشر صفاً من العدد الكلي وهو عشرون صفاً.

Email