تعددت، في السنوات الأخيرة، الدراسات عن السينما الإيطالية في الولايات المتحدة الأميركية. وقد خصّ بعض هذه الأعمال بالتحديد السينما الإيطالية الشعبية، وهذا هو عنوان الكتاب الذي تقدّمه الأستاذة في جامعة "تنسي" الأميركية، فلافيا بريزيو- سكوف، وتتعرض فيه لـ"الثقافة والسياسات في مجتمع خلال فترة ما بعد الحرب".

تكتسي تحليلات هذا الكتاب مظهر تحقيق نقدي جدّي، لما يتم وضعه تحت خانة "السينما الشعبية الإيطالية". وتحرص مؤلفته على إظهار مدى الترابط والتداخل بين الأفلام المصنّفة تحت هذا العنوان، وبين التيارات السياسية والثقافية السائدة في الفترة الزمنية نفسها في إيطاليا.

ومن خلال هذا الترابط يمكن اعتبار هذا العمل بمثابة دراسة اجتماعية وسياسية للمجتمع الإيطالي الحديث، من خلال السينما التي قدّمها المخرجون الإيطاليون الذين نالوا شهرة عالمية كبيرة.وتشير المؤلفة إلى فكرة شائعة، مفادها أن الدراسات الثقافية تستثني إلى حد كبير من اهتمامها الأفلام السينمائية الخفيفة.

كما يتم توصيفها أحيانا بديلا عن صفة "الشعبية". هذا رغم أن شرائح مستهلكيها كبيرة جدا وأحيانا على مستوى عدة أمم. لكنها تؤكد بالوقت ذاته أن السينما الشعبية التي ازدهرت في إيطاليا خلال سنوات الأربعينيات والخمسينيات خاصة، من القرن الماضي، العشرين، واستمرت حالياً، تقدم لمن يتأمل فيها بعمق، مؤشرات مهمة على الطريقة التي تحوّل فيها المجتمع الإيطالي خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وتدخل تحت عنوان "السينما الشعبية" أعمال ذات مشارب متنوعة من أفلام رعاة البقر: "كاوبوي"، المعروفة باسم "سباغيتي وسترن" وحتى "الكوميديا على الطريقة الإيطالية"، واستعراض التقاليد الإيطالية في الحياة العامة ومناسباتها الفلكلورية السعيدة، من زواج وغيره، ولكن أيضا ما يشهده المجتمع من عنف على يد المافيا وغيرها.

وتقدم مؤلفة هذا الكتاب، والمساهمون معها فيه، دراسة أكاديمية بحتة عن الدراسات الثقافية عبر السينما، وليس جردا للأفلام السينمائية الإيطالية. هذا على الرغم أن الغلاف الأول يحمل صورة للممثلة الإيطالية المعروفة كلوديا كاردينال، في مشهد لها من فيلم حدث ذات مرة في الغرب.

وفيما يتعدّى عملية التقييم التي تقدمها مؤلفة الكتاب، والمشاركون الثلاثة الآخرين معها، عن بعض الأفلام الإيطالية التي لم ينتبه لها كثر داخل إيطاليا وخارجها، فإن القارئ بجد كما كبيرا من المعلومات عن فترة من التاريخ الإيطالي كانت السينما الشعبية الإيطالية قد صبّت اهتمامها عليها.

والإشارة في هذا السياق أن صناعة السينما الإيطالية، كانت من المظاهر المهمة في النهوض الاقتصادي والصناعي الإيطالي لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. هذا دون إهمال القول ان تلك السينما كانت مدعومة بالمال الأميركي.

وتعاظم تأثير السينما الشعبية في إيطاليا من خلال شغف الإيطاليين، بالسينما عامة، وبهذا الصنف الجماهيري من السينما التي جذبت المشاهير من جميع الفئات، وجميع الأعمار ومن الجنسين. النتيجة التي يتم الخروج بها من هذا، أن الإقبال على أفلام السينما الشعبية، كان بمثابة تعبير عن رغبات أمة وعن أشكال قلقها.

وكانت أفلام رعاة البقر أو "وسترن سباغيتي" في طليعة موجة السينما الشعبية في الغرب الأميركي ولكن كان يتم تمثيلها عامة في إيطاليا، وأحيانا كثيرة من قبل مخرجين إيطاليين وممثلين أميركيين كـ"شخوص رئيسية" إلى جانب ممثلين إيطاليين ثانويين. بالإجمال تركز تحليلات هذا الكتاب على القول ان السينما الشعبية لعبت دورا ثقافيا مهما في إيطاليا خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ومثلت صورة للمجتمع الإيطالي نفسه.

 

 

 

 

 

 

الكتاب: السينما الشعبية الإيطالية

تأليف: فلافيا بريزيو سكوف وآخرون

الناشر: توريس اكاديميك ستاديز لندن 2011

الصفحات: 320 صفحة

القطع: المتوسط

 

 

Popular italian cinema

Flavia Brizio Skov andة

Tauris Academic Studies- London -2011

320.P