يستعرض كتاب "ماري عجمي..صاحبة مجلة العروس( 1888-1965) ..« بأقلام نخبة من الأديبات » لعدد من الأديبات، مختلف المحطات المفصلية في حياة ومسار إبداع الأديبة والمناضلة الوطنية السورية الراحلة، ماري عجمي. ويبدأ الكتاب بذكر معلومات موسعة عن عجمي، موضحا أنها ولدت في دمشق، في 14 مايو عام 1888، من أسرة حمويّة الأصل. وكان جدّها تاجراً في بلاد العجم، فغلب عليه لقب "العجمي"، وهو يوناني الأصل، وأمها تنتمي إلى أسرة مصابني.

وتبين مؤلفات الكتاب أن ماري عجمي، تلقت علومها الأولى في المدرسة الروسية والمدرسة الأيرلندية، وبعد أن أنهت دراستها وهي في الخامسة عشرة من العمر، أثار اهتمامها طلاقة اللسان وسمو الكلام واللغة السليمة التي كان يخطب بها أنيس سلوم، مما أغراها لمتابعة تحصيلها العلمي، ولهذا فقد تعلقت بالمطالعة، وقرأت كتب التراث. ويوضح الكتاب أن ماري عجمي، اتقنت اللغتين العربية والإنجليزية.

ونالت الشهادة الدراسية الرئيسية، في عام 1903، وكانت تكتب في هذه الفترة الشعر، وكذا تتقن أعمال الترجمة. وحررت قصائدها في البداية، تحت اسم مستعار "ليلى" وبعدها نالت شهرة ترضيها، فتخلّت عن "ليلى" المستعارة، وعادت إلى ماري الأصلية. ثم شرعت تراسل الصحف والمجلات السورية واللبنانية والمصرية، وتنشر فيها. وراسلت بعض الأدباء، منهم: فليكس فارس، جرجي نقولا باز، جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة.

وانتقلت، عقب ذلك، إلى الإسكندرية، في عام 1909، فعينت ناظرة في إحدى المدارس، وعادت إلى دمشق فأصدرت مجلة " العروس " في شهر ديسمبر 1910، وهي مجلة علمية أدبية صحية فكاهية، شعارها " إن الإكرام أعطي للنساء ليزين الأرض بأزهار السماء ". وكان عدد صفحاتها 32 صفحة ، وطبعت في مطبعة جريدة حمص. ولكن المجلة توقفت في عام 1914، بسبب الحرب العالمية الأولى، ثم استأنفت صدروها عام 1918، وزادت عدد صفحاتها إلى 64 صفحة، واستمرت هذه المرّة حتى عام 1926، وأصدرت منها /11/ مجلداً وكانت شهرتها قد ملأت الآفاق الأدبية.

ويتوقف الكتاب عن محطة مهمة في حياة ماري عجمي ضمن المعترك الوطني التحرري في سوريا، إذ يبين أنه ارتبط كفاحها بشهداء السادس من مايو، فزارت السجون، ووصفت أحوالها الرديئة القاسية التي كان يعاني منها السجناء، وكتبت ما رأته في السجن. وتلفت الأديبات، مؤلفات الكتاب، إلى ان ماري عجمي، أسست جمعية " يقظة المرأة الشامية " مع نازك العابد وفاطمة مردم وسلوى الغزي، ثم جميعة " نور الفيحاء " وناديها، ومنحهن الملك فيصل مدرسة لاحتضان بنات الشهداء .

وفي عام 1920 أسست النادي الأدبي النسائي مع نخبة من السيدات السوريات، ثم انتخبت عضواً في جمعية " الرابطة الأدبية " في لجنة النقد الأدبي، وكانت الآنسة الوحيدة في هذه الرابطة التي كان من أبرز أعضائها: خليل مردم بك، فارس الخوري، أحمد شاكر الكرمي، فخري البارودي،. كما انها جعلت منزلها صالوناً أدبياً يجتمع فيه أعضاء الرابطة، وظلت، رغم كل شيء، تنشئ المدارس، وتعطي الدروس الخاصة للفتيات المتشوقات إلى العلم.

وكذلك لفتت الأنظار، مقالاتها التي تدعو إلى مناصرة العامل والجندي والفلاح. ولا يغفل الكتاب الإشارة الى تكريم ماري والاحتفاء بها، فيذكر حفل التكريم الذي اقيم لها في حيفا ويافا بفلسطين سنة 1928، وبعدها في دمشق سنة 1929. وتبين المعلومات المدرجة أن ماري عجمي عينت أستاذة لتدريس اللغة العربية وآدابها في مدرسة دار السلام لمدّة أربع سنوات عام 1931.

كما فازت بجائزتين من الإذاعة البريطانية، في المباراة الشعرية، عن قصيدتها "أمل الفلاح" . وأيضاً، حظيت ماري عجمي بتقدير كبير من البلدان العربية، خاصة لبنان، إذ دعا الأديب جرجي نقولا باز، نصير المرأة، إلى حفل لتكريمها عام 1926، بمناسبة يوبيلها الفضي، في حقلي الأدب والصحافة.

وتوثق المؤلفات أيام ماري عجمي، اواخر حياتها، موضحات كيف سيطر عليها الحزن واليأس، حينذاك، وأصبحت أسيرة الوحدة القاسية، فآثرت العزلة وكان جهاز الراديو تسليتها الوحيدة،. ويجمل الكتاب، مجموعة ملامح وتوضيفات حول القصائد الشعرية لماري عجمي، ولا سيما الوجدانية منها، مبينا انها تتضمن مسحة رومانسية، تتجلى في شدة إحساسها بالطبيعة ومناجاتها لها، ومن هذا النوع قصيدتها التي عنوانها " الفجر ".

ويختم الكتاب فصول استعراضه وشروحاته ومعلومات، بتبيان ماهية نهاية حياة ماري عجمي، إذ اشتدت عليها وطأة النوبات العصبية، وتوفيت في 25 كانون الأول عام 1965، ولم يبق ليشهد على آخرتها، سوى نفر من الأصدقاء، رافقوا جنازتها إلى مثواها الأخير. وجرى لها حفل تأبين على مدرج جامعة دمشق.

 

 

 

 

 

 

الكتاب: ماري عجمي صاحبة مجلة العروس (1888 -1965)

تأليف: مجموعة من الأديبات

الناشر: وزارة الثقافة الهيئة العامّة للكتاب دمشق 2012

الصفحات: 128 صفحة

القطع: المتوسط