في عام 1966، وبعد أن شاهدت الشابة آن ويزمسكي، فيلم المخرج جان لوك غودار: "مذكّر ومؤنّث"، وجّهت له رسالة، عبر مجلة "دفاتر السينما"، قالت له فيها:" أحبّت الفيلم . وأضافت أنها "أحبّت أيضا ذلك الرجل الذي كان وراءه"، أي غودار نفسه.

لم يكن ذلك سوى "اعتراف عفوي ودون تفكير لفتاة في التاسعة عشرة من عمرها" للمخرج الذي كانت قد شاهدته عبورا ذات يوم، عندما كانت تقوم بدور سينمائي صغير. ولكن تلك الرسالة ألهبت مشاعر مؤسس ـ أب ـ ما عُرف بـ"الموجة الجديدة" في السينما. ولم يتردد لحظة في ضرب موعد لها. فكانت "ضربة الصاعقة ليتزوجا بعد عام.

وتحت عنوان: "سنة زاخرة بالحياة" تقدّم آن ويزمسكي اليوم قصة حياتها مع جان لوك غودار، أحد أشهر مخرجي السينما الفرنسيين، بل العالميين، في القرن العشرين. كان عمره عندما تزوجا 36 سنة وهي في التسعة عشرة. وكانت قصتهما.

كما تقول، نوعا من خروج فتاة في عصرها عن تقاليد الأسرة البورجوازية التي ترعرعت في كنفها، وعن النهج الكاثوليكي المتحفظ لجدّها الكاتب الشهير فرانسوا مورياك. وأيضا "خروج على القانون" باعتبار أنها كانت فتاة قاصرة في بلاد كان سن البلوغ "الرسمي" فيها هو آنذاك 21 سنة.

بهذا المعنى يبدو كتاب "سنة زاخرة بالحياة" بمثابة قصة فتاة خرجت على التقاليد في فرنسا خلال سنوات الستينات المنصرمة، حيث فرضت إرادتها و"زواجها" من غودار "الطفل الشقي في السينما الفرنسية"، كما شاع القول عنه. وهي قصة يمكن أن تكون عادية جدا لو لم يكن اسم أحد بطليها هو "جان لوك غودار" واسم جد "البطلة" هو فرانسوا مورياك. من الهام الإشارة أيضا أن تلك الفتاة "الصغيرة" أصبحت روائية شهيرة اليوم.

إن المؤلفة تحكي عن قصة لقائها مع جان لوك غودار وحياتها معه خلال سنة تمتد من صيف عام 1966 وحتى صيف 1967. تلك الفترة القصيرة خلقت، كما تقول، الكثير من الجديد في حياتها، وأتاحت لها اللقاء مع مخرجين من أمثال فرانسوا تروفو وبرناردو برتولوتشي وممثلين مثل ايف مونتان وجين مورو، وسياسيين من أمثال كوهين بنديت، أحد رموز ما سمي بـ"ثورة الطلبة" عام 1968.

تشير المؤلفة إلى أنها وجدت الكثير من مادة هذا الكتاب في "اليوميات" التي كانت تدونها لنفسها أثناء حياتها مع غودار.

وعن قصة لقائها مع غودار تقول المؤلفة انها لعبت دورا صغيرا في فيلم للمخرج "بريسون" عام 1965 بعد سماح جدّها فرانسوا مورياك، الوصي عليها بعد وفاة والدها، بذلك. أبدى غودار إعجابه بها عندما رأى صورتها في صحيفة "لوفيغارو"، فذهب إلى حيث كان يتم تصوير الفيلم، وحاول أن يجذب انتباهها، ولكنه لم ينجح في ذلك، كما تقول.

ثم كتبت له عن إعجابها بعمله "مذكّر ومؤنث". عارضت أمها في البداية بشدة علاقتها بجان لوك غودار، الذي كانت تكنّ له بغضا شديدا، وكان يوحي لها بـ"قرف عميق ونهائي". وكذلك عارض العلاقة أيضا جدّها فرانسوا مورياك ابن الثمانين عاما آنذاك. لكنه باركها فيما بعد، وقال: "أن أكون بمثابة جد لجان لوك غودار، أي تكريس عظيم".

هذا ما تعلّق عليه الفتاة اليوم بعد 45 عاما عن جدّها: "إنه يستحق بحقٍ تكريمي له، فقد كان رجلا استثنائيا. وكانت علاقتي الوثيقة به تعود لعنادي حياله. فقد كنت الوحيدة في الأسرة التي تطرح عليه الأسئلة حول شبابه ومهنته. وتشير أنها "استعارت" من جدها جملة أصبحت بمثابة شعار لحياتها كلها مفادها: "السعادة هي أن تكون مسكونا بألف رغبة، وأن تسمع الأغصان تتقصّف من حولك".

 

 

 

 

الكتاب: سنة زاخرة بالحياة

تأليف: آن ويزمسكي

الناشر: غاليمار باريس ــ 2012

الصفحات: 272 صفحة

القطع: المتوسط

 

 

Une année studieuse

Anne Wiazemski

Gallimard ــ Paris- 2012

272 .p