يؤكد كتاب تكلفة عدم إنجاز مشروع الاتحاد المغاربي، الذي أنجزه عدد من الباحثين المتخصصين (منهم: مصطفى المرابط، ماريودو روزاريو، وعزام محجوب، أحمد بوعزي)، ان الخلافات بين دول المغرب العربي، وأبرزها بين الجزائر والمملكة المغربية، أمور باتت تنعكس على مصير الاتحاد المغاربي الذي سيسمح للمغرب العربي، بأن يصبح عضواً في الاتحاد الإفريقي.

وسيمنح للدول المغاربية صوتاً قوياً، فيما يخص المبادرات التي يقوم بها الاتحاد الإفريقي لحل معضلات القارة الخطيرة، خاصَّة فيما يتعلَّق باحتواء العنف الجماعي الذي يهدد الكثير من السكَّان بأكملهم. إذ لا يمكن استشعار نتائج التعاون الإقليمي أو الدولي في مسألة الأمن والدفاع، في غياب عقيدة تضع الأمن عنصراً أساسياً للتنمية الديمقراطية للمجتمعات. فالثنائي الأمن والتنمية غالباً يتمُّ قلبها.

حيث تعد هذه الأخيرة طريقاً يؤدِّي إلى الأمن. وهنا يجب أن نشير إلى أنَّ العقائد الأمنية في جنوب منطقة البحر الأبيض المتوسط، تنصب غالباً على مفردات مرتبطة بمفاهيم تقليدية لأمن الدولة، وهو ما تخلَّت عنه أوروبا لصالح أمن المواطنين، وترى أنَّ مصدر التهديد الأساسي المحتمل يكمن في الجار الأكثر قوَّة، ومثل هذه العقيدة سرعان ما تسقط في الخلط بين الأمن القومي وأمن النظام الحاكم.

ويشير مؤلف الكتاب إلى انه لا ينبغي المبالغة في تكلفة عدم تحقق الاتحاد: (اللامغرب- عربي) في المسائل المتعلِّقة بالأمن، أو خلافاً لذلك، من حيث المبالغة في فوائد التعاون الواسع، من دون وقوع تقارب حقيقي في ما يخص حماية حقوق الإنسان، ذلك لأنَّه يؤدي إلى انزلاق نحو الأسوأ وليس إلى تعميم أفضل الممارسات. وهذا على غرار المجالات الأخرى، فإنَّ التعاون الأمني لن يؤتي ثماره بالكامل.

ويأتي في المقام الأوَّل ما يتعلَّق بالأمن الداخلي وجوانبه الخارجية إذا لم ير النور، تقدم مميَّز نحو مفهومٍ للأمن الإنساني، متمحور حول حق المواطنين في حماية الدولة لهم وحتى في الاحتماء من الدولة، ويشمل هذا الحق المعاينة الديمقراطية لمجموع قوات الأمن وميزانياتها في كل الدول المغاربية. فنسبة الحماية لا تزال مرتفعة وتتفاوت بين البلدان المغاربية.

ويرى الباحثون في فصول هذا الكتاب، ان بلدان المغرب العربي تشكو من صعوبات بدرجات متفاوتة في الانتقال إلى اقتصاد السوق والمفتوح للمنافسة التجارية. فالأطر والضوابط والتراتيب وآليات التعديل لا تزال، إما منعدمة أو ضعيفة الأداء والنجاعة. وتتولَّد عن ذلك، قلَّة الشفافية التي تنتج الضبابية، وهو مَّا يسمِّم مناخ الأعمال مع غياب جهاز مستقل لحل النزاعات.

وفي نهاية المطاف لا بدَّ من أن نقرَّ بأنَّ المغرب العربي في حاجة إلى نقلة نوعية في المجال المؤسَّساتي. ويتطلَّب هذا التحدي توفير شروط سياسية دنيا، ونسبة مرضية من الثقة في الآخر، وإيماناً فعلياً بالمصلحة الجماعية طويلة الأمد. وأما بشأن المسألة الديموغرافية، فتدلُّ المؤشِّرات الإحصائية على أنَّ من الانعكاسات الاجتماعية الخطيرة لعدم تجسيد وحدة المغرب العربي، بروز ظاهرة النمو الديموغرافي اللامتوازن في المنطقة المغاربية، نتيجة تراجع مستوى التنمية في الريف وتوجه معظمها إلى المدينة. وهو ما ساعد على بروز مشكلات اجتماعية كبيرة في المدن المغاربية، ومنها: الأمية، البطالة.

ويوضح مؤلفو الكتاب، انه طالما أنَّ غياب تقاليد البحث العلمي العصري، مرتبط بحالة الاقتصاد في أغلب دول المغرب العربي، فإنَّ الخروج من تلك الحالة الرثَّة سيكون صعباً ما لم تتخذ إجراءات ذكية ومكلفة في البداية. ولبلوغ الأهداف المرجوة، يمكن الإفادة من العولمة.

وذلك باستثمار الشراكة مع الدول الأوروبية لبعث مراكز بحث مغاربية عالمية يشترك باعثوها في التمويل والمصاريف والإيرادات.وذلك أنَّ وجود مراكز بحث كبرى مسيَّرة بطريقة عصرية وناجعة، سيشجِّع على استرجاع بعض أدمغتنا المهاجرة. وسيمكِّن الذين لم يهاجروا من ظروف عمل طيبة تحفِّز على البقاء.

 

 

 

الكتاب: تكلفة عدم إنجاز مشروع الاتحاد المغاربي

تأليف: عدد من الباحثين

الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت- ومركز الجزيرة للدراسات الدوحة 2011

الصفحات: 77 صفحة

القطع: المتوسط