يحظى الجمال باهتمام البشر، منذ القدم وحتى اليوم. ولكنه اليوم، غدا بالمقام الأول، صناعة تبلغ استثماراتها ومكاسبها، عشرات المليارات سنويا في العالم. وهي صناعة متعددة المشارب، إذ تشمل نشاطات متعددة، ليس أقلّها شهرة مجال العطور والمواد المكرّسة للعناية بالشعر وبالبشرة ومساحيق الزينة "الماكياج وغيره"، ووصولا إلى جراحات التجميل.

عالم الجمال هذا هو موضوع كتاب الصحافي مارك تيونغينت، المتخصص بمجال التسويق ودور وسائل الإعلام في الترويج لكل ما له علاقة بصناعة الجمال. والكتاب يحمل عنوان: "جمال الماركات"، ويشرح فيه المؤلف كيف أنه غيّر التسويق من نظرتنا للجمال، وذلك حسب ما يقول عنوانه الفرعي.

يضم الكتاب بصفحاته التي تقارب 300 صفحة، 20 فصلا، يبحث أولها في "أصول الجمال"، حيث تحظى ضمنه كليوباترا باهتمام خاص في هذا المجال، ويختمها المؤلف بفصل عن مستقبل الجمال. ويتم التعرّض في الفصول الأخرى، لسياسات أهم شركات الصناعة العالمية للجمال، مثل :

لوريال وايستي لودير وريفلون. كما تعنى بعض الفصول بالعطور وصالونات الموضة ودور هوليود والجمال في عصر الانترنت. وجراحة التجميل و"فنانو الوشم". ولا ينسى المؤلف تكريس فصل كامل لـموضوع الجمال الرجالي.

هذا الكتاب موضوعه بالتحدي، تاريخ صناعة الجمال وتطورها وسبل تسويقها والترويج لها. ويبحث المؤلف في مختلف تعبيراتها الأكثر بروزا لرصد آليات عملها، وذلك من بيوت المنتجات الراقية في باريس، وإلى صالونات الوشم في بروكلين.

كما يتمثل أحد المحاور الأساسية التي يولي اهتمامه لها، في تحليل استراتيجيات التسويق، المستخدمة من قبل أولئك الذين كانوا وراء إبداع منتجات جديدة، انضوت تحت عنوان "ماركات شهيرة". وكذلك أولئك الذين نشّطوا مبيعات منتجات هذه الصناعة.

ولذلك لم يتردد في السعي إلى لقاء أولئك الذين يسميهم الباحثين عن مفاتيح الشباب الأبدي. ولم يترددوا في استخدام العديد من الأدوات والسبل بما في ذلك العلم، من أجل إقناع المستهلكين بضرورة أن يستثمروا بعض ما لديهم من مال، غاية رفع مستوى جاذبيتهم.

ولكن ما هو الجمال؟ هذا هو ما يطرحه المؤلف في الكتاب. ومن ثم يشير في معرض الإجابة، الى أنه من العسير جدا، تقديم إجابة مباشرة عليه، إذ ربما لا يمكن طرحه إلا بصيغة السؤال. ثم إن الإجابة تخضع لمعايير تاريخية وتأملات جمالية، وللقياس على نماذج شهيرة في الجمال. وفي كل الحالات، يبقى التمييز بين ما هو جميل وما هو غير جميل، متباينا. وذلك تبعا للحق وللأفراد. وتجري الإشارة الى أنه هناك الكثير من اللغات ليس فيها ما يعادل تماما، تعبير جميل، حسب المعيار السائد في لغات البلدان المتقدمة اليوم.

وفي هذا السياق، يكرّس المؤلف العديد من صفحات الكتاب، للحديث عن كليوباترا وقناع الجمال الذي كانت تستخدمه، واغتسالها بمزيج من: حليب الاتان، وتيجان الزهور. والصورة التي كرّستها لها صناعة الجمال، هي أنها كانت، على غرار نفرتيتي والإمبراطورة بوبيي، ذات جمال بديع وبشرة صافية.

ويخلص المؤلف إلى القول ان قطاع صناعة الجمال، يجد أحد جذوره الأساسية لدى ملكة مصر كليوباترا. وذلك القطاع تطوّر بعدها في عدة مراكز رئيسية، خاصة في باريس على صعيد اوروبا، وفي نيويورك على مستوى الولايات المتحدة الأميركية. ثم نشر هذا القطاع جناحيه إلى الأسواق الآسيوية الصاعدة في آسيا وأميركا الجنوبية وبقية مناطق العالم.

وما يؤكده المؤلف، أن صناعة الجمال تمثل سوقا تعاني من منافسة شديدة. وتحتوي على الكثير من الأسرار المحفوظة بأقصى تدابير الحذر والحيطة. وذلك ليس فقط على مستوى تركيب المنتجات، ولكن أيضا، وربما خاصة، حول ما يتعلّق بـقدرات الإنتاج واستراتيجيات التسويق.

ويشرح المؤلف أن الحملات الدعائية لمختلف منتجات صناعة الجمال، تبحث عن هدف واحد، وهو دفع الذين يتلقونها إلى شرائها، وحتى لو كانوا ليسوا بحاجة لها في أغلب الأحيان. وتدل الإحصاءات أن مبيعات مساحيق، تخفيف تجاعيد الوجه ارتفعت كثيرا، خلال السنوات الأخيرة.

وهذا ما تتم إعادته للدعايات الكثيرة حول الموضوع. والأمر الذي لم يكن مطروحا في السابق، ذلك ان هذه المساحيق نفسها، لم تكن موجودة أصلا. وبهذا المعنى يغيّر التسويق من نظرتنا للعالم ولأنفسنا، كما يشير العنوان الفرعي في الكتاب.

وما يؤكد عليه المؤلف، بأشكال مختلفة، هو أن النساء والرجال أصبحوا ينظرون إلى منتجات الجمال على أنها مؤشر على المكانة الاجتماعية وعلى الثروة. وهذا فضلا عن أنها سلاح ضد الشيخوخة.

ويشرح المؤلف أيضا، أن قناعات جمالية، ترسّخت تاريخيا، إذ أصبحت مسائل بياض البشرة والشعر الأشقر والعيون الكبيرة، بمثابة معايير للجمال. ولكن ماركات الجمال الكبرى، غيّرت منهج تسويقها، كي تثير اهتمام أعراق أخرى وثقافات مختلفة.

 

 

الكتاب: جمال الماركات، كيف غيّر التسويق نظرتنا

تأليف: مارك تيونغيت

الناشر: كوغان بيغ- لندن - 2011

الصفحات: 288 صفحة

القطع: المتوسط

 

Branded beauty

Mark Tungate

Kogan - London- 2011

288 .p