يرى كتاب "مؤامرة تقسيم السودان"، لمؤلفه الفاتح كامل، أن استعماراً جديداً تدور رحاه الآن، في منطقة آسيا الوسطى، وحول نفط بحر قزوين تحديداً، بغرض المحافظة على مصالح الدول الغربية، والمصالح الأميركية منها على وجه الخصوص.
وذلك كون هذه المنطقة تشكل عازلاً مهمّاً للتمدد الروسي المحتمل، ولوقف التوسع الصيني. ويؤكد المؤلف أن هناك في المقابل، لعبة دولية تكتمل فصولها في إفريقيا، حول مثلث النفط الموجود في المنطقة المشتركة بين غربي السودان ــ دارفور تحديداً ــ وتشاد المجاورة، بالإضافة إلى ليبيا.
ولا يرى كامل في التقارير المتلاحقة الصادرة عن مجلس الأمن، والتي في الظاهر دافعها إنساني، إلاّ وثيقة دامغة، تفضح خلفية تلك النوايا وتمعن في تأجيج الصراع القبلي على السلطة في مناطق السودان وتشاد وليبيا. ويلفت الى أن الصراع الدولي على هذه المناطق، ذات المثلث النفطي، هو بأساسه صراع فرنسي ـ أميركي وليس صراعاً أميركياً ــ صينياً، كما يتصور بعض المحلّلين.
ويرى الفاتح كامل، أيضاً، في الفصل عينه، أن سر الاهتمام الأميركي المتزايد بإفريقيا، يعود الى الارتباط العاطفي بين الزنوج داخل الولايات المتحدة الذين هم من أصول إفريقية، وبين القضايا الإفريقية، تلك العاطفة التي يجري استغلالها من قبل الإدارات الأميركية المتعاقبة، والأحزاب التي تخوض معاركها الانتخابية.
غير أن ما يمكن قوله ــ حسب كامل ــ إن الإستراتيجية حول السودان، ستستمر بدون تغيير، بعد فوز الحزب الديمقراطي بالانتخابات الأخيرة، لأنهم يظنون أن السودان هو الحلقة ألأضعف، وتحقيق اختراق إفريقي في دارفور، قد يسجل كنقطة مضيئة تخدم المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة، الهادفة الى الحد من النفوذ الفرنسي التاريخي والبارز في إفريقيا، وإيجاد موطئ قدم أميركية، خصوصاً بعد الاكتشافات النفطية الأخيرة في إفريقيا على يد شركات فرنسية وصينيّة. لاسيما وأن الموارد الطبيعية في كل العالم تقريباً تواجه نضوباً وشيكاً.
وفي الفصل الثاني، ينبه المؤلف إلى النوايا والمخططات التقسيميّة التي تسعى إليها الولايات المتحدة في السودان. ويلفت إلى أن اتفاقية "نيفاشا" التي جرت برعاية وضغوط أميركية، ما هي إلاّ واجهة معلقة لنواياها الطيبة، فقد تركت ثغرات متعددة، من شأنها أن تعيد الوضع إلى سخونته بين طرفي الاتفاقية السودانية، المتنازعين، خاصة وأن مسألتي فك الاشتباك حول آبار النفط وترسيم حدود منطقة آيبي، تركتا للمجهول بعيداً عن أي حل، ما يعني المزيد من التفكك والتفتيت في الكيان السوداني، ويبين هنا أن الأزمة مرشحة للتصعيد كلما رفدتها ظروف مواتية.
ويرى كامل أن التدخل الدولي بحجة الدفاع عن حقوق الأقليات المضطهدة، ونشر مفاهيم الحرية والديمقراطية، ما هي إلاّ مزاعم باطلة ما عادت تقنع حتى الأطفال. فالولايات المتحدة تمارس الآن مع السودان الألاعيب نفسها التي سبق وأن استعملتها في العراق. وهي تحارب بحسب رأيه، الانتماءات الإسلامية الكبرى، لمصلحة انتماءات طائفية تكرس مفاهيم الانفصال والتفكيك في هذه الدولة، من أجل تثبيت إسرائيل دولة قويّة ومحصنة.
وفي الفصل الثالث، يؤكد الباحث كامل، على دور السودان الحضاري والاقتصادي، ومساهمته في الأمن الغذائي، ويعتبر السودان أحد السلال المهمة لإنتاج غذاء العالم، في حال حدوث أزمات دولية. وكل ذلك يجعل منه أمة جديرة بأن تبقى موحدة تنعم بالرفاه والاستقرار، بالرغم من الاستفتاء الذي كرس عام 2011، تقسيم السودان، ثم يلفت لأهمية العودة للاستثمار في السودان.
وينبه الكاتب في الفصل الرابع، إلى مطامع الولايات المتحدة، في حقوق النفط الواقعة شمالي حقول النفط الجنوبية في السودان، والتي تدار الآن من قبل شركات صينية.
الكتاب: مؤامرة تقسيم السودان
تأليف: الفاتح كامل
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون
الصفحات: 173 صفحة
القطع: المتوسط
